صخبُ الانتخابات الأمريكية هُـــراء

7/ 11 / 2020م

 مقالات:

عبدالخالق القاسمي:

اسأل أيَّ يمني عن الانتخابات الأمريكية.. سيرد فورًا لا تهمُّني ولا تعنيني، أنا أهتمُّ بكيفية العلاقة والتعامل الذي سيكون مستقبلًا مع اليمن، هل سيتوقفون عن إذكاء نيران الفتن؟، هل سيتوقفون عن ضَخِّ السلاحِ الذي يقتلنا ويدمّـرُ مساكنَنا ويمنع المأكل والمشرب والدواء؟، هل سيتوقف الأمريك عن استهداف عاداتنا وتقاليدنا؟، هل سيتوقفون عن استهداف ديننا ومقدساتنا.. واحتلال أراضينا؟!.

يصعُبُ توقُّعُ ذلك في ظل أي حكم لأي رئيس، فالدولةُ التي قامت على دم لن تتورعَ عن الاستمرار، بل الإمعان في إراقة الدماء، فالهنودُ الحمر مُرورًا بصربيا والبوسنة والهرسك وأفغانستان والعراق وسوريا وغيرها شاهدٌ على أن الولايات المتحدة الأمريكية ليست بالرئيسِ وإنما هي هكذا، “ومن شب على شيء شاب عليه”، فالجرائم التي قامت بها أمريكا بحق مختلف البلدان كانت بترؤُّسِ أكثر من شخص، وإنْ كان ترامب معروفاً من خلال السنوات الماضية، فبايدن لا يختلفُ عنه، فقد خطط وأيّد ما حصل في العراق من جرائمَ مروَّعة بحق الذكور والإناث، وله بصماتٌ في تأييد احتلال البلدان الإسلامية وغير الإسلامية؛ خدمةً لبلاده العدوانية، بمعنى أن كُلَّهم لهم نفسُ الهدف والتوجّـه وإن اختلفت الأساليب، سواءٌ أكان القتل ثم النهب الأسبق أم كان النهب ثم القتل، تماماً كما قال ترامب عن السعودية، حَيثُ قال: إنها بقرةٌ حلوبٌ عندما يجف ضرعها سنذبحُها..؛ لذا نلحظ التخوفَ السعودي من خسارة ترامب، ولعل الصورةَ الأبلغَ تزجُّجُ أعين مذيعات العربية كلما أُعلن عن تقدم جو بايدن في ولاية ما؛ وذلك كي لا يأتي بايدن بالذبح رأسًا.

وهكذا سيجيبُ الجميعُ في الشرق والغرب.. لا نهتم بمن سيحكُمُ أمريكا..

عدا الأنظمة والكينونات الخليجية التي تهتم كُـلَّ الاهتمام في معرفة من سيحكُمُهم ويحلبُهم، سواءٌ أكانوا أبقاراً أم ماعزاً، حتى شعوبُهم التي يجثمون على صدورهم عشرات السنين مَلِكاً يردف ملكاً.. تلك الشعوبُ التي لا تعرفُ مَـا هِي الديمقراطية ولا ما هي الانتخابات إلا ما يتعلقُ بانتخاب رئيسٍ للفصل في المدارس.. كُلُّهم في ارتقابِ إعلانِ النتائج السخيفة التي يتحكُمُ بزمامها حقيقةً اليهودُ في إسرائيل بعد المقارنة والمفاضلة وتحديد من هو أكثر نفعاً، ولعل ترامب قد نجح في إرساءِ دعائم تُجبِرُ اليهودَ على اختياره وتحديده رئيساً لولاية جديدة، فصفقةُ القرن بحاجة لإكمال أركانها، وترامب ومستشارُه جاريد كوشنر عَرّاب صفقة القرن من بدأ وعليهم إكمال الصفقة بتطبيع كُـلِّ الشرق الأوسط، بل تتبيع كُـلّ الشرق الأوسط لإسرائيل، وهم المعنيُّ بحرب اليمن واستمرارِ حلب السعودية؛ لذا قد تكونُ الغلبة له.

ولكن لا يخفى على الجميع ارتكابُه أخطاءً خلال رئاسته قد تكون في صالح جو بايدن، فمثلاً انسحب من الاتّفاق النووي مشجِّعاً بقيةَ الدول الموقِّعة على ذلك، ولكنه تفاجئ برفضها الانسحابَ، وبالتالي أحرج نفسَه، كما اغتال القائدَ سليماني في العراق، وهدّد بضرب إيران في حال قامت بالرد، وبعدَ الرد الإيراني دَسَّ رأسَه في التراب لساعات، ومن ثم خرج للحديث عن عدمِ وقوعِ إصاباتٍ في صفوف قواته، قبل أن يُحرِجَ نفسَه مجدّدًا بتأكيد الصحف العالمية نقل ما يزيد عن 110 جنود أمريكيين إلى المستشفيات؛ نتيجةَ القصف الصاروخي الإيراني، وحادثة إسقاط إيران طائرة أمريكية تجسسية اخترقت أجواءَها، والرد بتصوير فرقاطة بحرية أمريكية بطائرة تجسُّسية إيرانية دون اكتشافها.

عُمُـومًا لليهود تقريرُ مَن يحكُمُ أمريكا.. وهذا لا يعني اليمني في شيء، ما يهُمُّنا هو تحسينُ العلاقات والسلوكيات ومراجعة المواقف والخطط؛ لأَنَّ اليمنَ أعتى وأقوى وأصلبُ من كُـلِّ مؤامرة ومِن كُـلِّ إدارة تتولى زمامَ حُكم أمريكا.. وفي هذا الخط بقية دول المقاومة والدول المناهِضة للعنجهية الأمريكية.