الخطر الإسرائيلي اليهودي الذي يهدد الأمة ويستهدفها
نحن كأمةٍ مسلمة في مختلف شعوبنا، نحن نعاني من هذا الخطر، وهذا الخطر الإسرائيلي اليهودي الصهيوني يتهددنا جميعاً، ويستهدفنا جميعاً؛ وبالتالي نحن معنيون، ولنا الحق في أن نتحرك تجاه خطرٍ يستهدفنا،
إضافةً إلى أننا كأمةٍ مسلمة بكل شعوبها في موقع المسؤولية الدينية أمام الله “سبحانه وتعالى”، في أن يكون لنا موقف، وأن نتحرك في التصدي لهذا الخطر بكل الاعتبارات: باعتبار فلسطين شعباً وأرضاً جزءٌ من هذه الأمة، وباعتبار العدو الإسرائيلي عدواً يشكِّل خطراً وتهديداً علينا جميعاً.
التحرك الشعبي الواسع، التحرك الجماعي لهذه الأمة من مختلف شعوبها، لا شك أنه مؤثِّر، وأنه مفيد، وأنه يعطي زخماً كبيراً لهذه القضية، وأنه خطوة حكيمة وصحيحة، وموقف صحيح بكل الاعتبارات والمقاييس، فالتهرب من أن يكون هناك تحركٌ جماعيٌ للأمة على المستوى الشعبي والرسمي، هو بُعدٌ عما فيه الحكمة، عما فيه المسؤولية، وهو عقدة، أو حالة اشتباه وعمالة لدى البعض.
عندما نعود إلى المسار التاريخي لهذه القضية، وهذه نقطة هامة للدروس والعبر، نجد أنها منذ البداية وإلى اليوم لم تحظ بالاهتمام المطلوب على مستوى الأمة بشكلٍ عام رسمياً وشعبياً، لم تحظ بالاهتمام المطلوب، فمنذ بداية توافد اليهود الصهاينة من مناطق مختلفة، وبلدان مختلفة على مستوى العالم العربي، وأوروبا، والغرب، إلى فلسطين، في أيام الاحتلال البريطاني، وتشكيلهم لعصابات، وبدايتهم في النشاط الاستيطاني الذي بدأ يتوسع شيئاً فشيئاً، لم يكن هناك في المقابل تحركٌ جاد بمستوى هذا الخطر، ولربما- آنذاك- كان الكثير من الناس من أبناء الأمة في تلك المرحلة لديهم قراءة خاطئة، ونظرة غير صحيحة، وتقييم لمستوى هذا الخطر تقييم غير صحيح، والشيء السلبي: أن تستمر مثل هذه القراءات الخاطئة، مثل هذه التصورات الخاطئة بشكلٍ مستمر لدى الكثير من أبناء الأمة.
عندما تنامى هذا الخطر في أيام الاحتلال البريطاني، كذلك كلما تنامى؛ لم يقابل ذلك تنامٍ بالمستوى المطلوب من أبناء أمتنا، وحتى في داخل فلسطين، كان هناك القليل ممن يتحرك، ممن يشعر بالوعي تجاه خطورة العدو الصهيوني، ممن يتحمل مسؤوليته، فينطلق على كل المستويات، القليل يتحركون، والكثير يتقاعسون ويتخاذلون، في الداخل الفلسطيني، وعلى مستوى الأمة الإسلامية بشكلٍ عام،
ما بعد الاحتلال البريطاني لفلسطين، وتفاقم الخطر اليهودي الصهيوني، وتسليم بريطانيا للدور بشكلٍ كامل لليهود الصهاينة، كذلك تفاقم الخطر بشكلٍ كبير، فلم يقابل ذلك بتحركٍ بالشكل المطلوب، يواكبه مراجعات جادة لكل حالات الإخفاق والفشل؛ لأنه أتى تحرك، تحرك في مستوى معين على المستوى الرسمي، على المستوى الشعبي، ولكنه تحرك كان يخفق في كثيرٍ من المحطات، وعندما كان يخفق، لم يكن يراجع إخفاقاته على نحوٍ جادٍ وصحيح، ويستمر بكل جدية، ويستفيد من كل طاقات الأمة، ومن كل إمكاناتها ليكون حجم التعبئة، وحجم الموقف، وحجم التحرك بالمستوى المطلوب؛ ولذلك كان هناك تفاقم لهذا الخطر، وكان هناك في مقابل الإخفاق على مستوى الجانب الرسمي العربي، كان هناك نجاحات للعدو الإسرائيلي، عززت من موقفه، وساعدته ليسيطر أكثر فأكثر، وليتقوى نفوذه أكثر فأكثر، وبدعمٍ مستمرٍ غربي.
ما بعد مرحلة الإخفاق الرسمي العربي المتتالية، والفشل المستمر، حدثت هناك متغيرات في مسار هذه القضية، متغيرات ذات أهمية كبيرة جداً، متغيرات نحو النجاح، هذه المتغيرات نحو النجاح كانت تعود إلى التجربة الشعبية، من خلال تجربة حزب الله في لبنان، والمقاومة في لبنان، وما حققته من نجاح، ومن انتصارات متتالية في مواجهة العدو الإسرائيلي، والتجربة الأخرى في قطاع غزة، تجربة فلسطينية، وما حققته من نجاحات متتالية، وما حققته من انتصارات مهمة جداً في مواجهة العدو الإسرائيلي، هذه التجربة الشعبية الناجحة لم تحظ أيضاً بالاهتمام، والمساندة الواسعة، والإقبال إليها بإيجابيةٍ كاملة على المستوى الرسمي والعربي الشامل، بل كان هناك توجهات سلبية من بعض الأنظمة العربية، وتوجهات أو حالة برود من أنظمة أخرى، وإلَّا فكان المفترض في هذه المرحلة: مرحلة تحقق نجاحات مهمة، متغيرات إيجابية، انتصارات مهمة، تجربة ناجحة، أن يتم الالتفاف حول هذه التجربة الناجحة، ومساندة هذه التجربة، والعمل على تقويتها، وتطويرها، ومساندتها على نحوٍ كبير، كان هذا هو الموقف الطبيعي الواعي المسؤول.