ثورة 21 سبتمبر بعد 7 سنوات من العداء والحرب..الرئيس المشاط يتلو خطاب ما قبل النصر
خطاب هو الأول من نوعه تقدم صنعاء من خلاله ثورتها إلى العالم وتعيد توصيفها إلى شعبها في الداخل، كثورة إنسانية فريدة في تعاملها حتى مع الخصوم، وعن اختيار التوقيت إلا بعد مضي ست سنوات من المواجهة واستمرار العدوان والحصار، فالجواب يكمن في الميدان والسياسة.
في السياسة فإن التحالف الكوني الذي شكل لمواجهة ثورة ال21 من سبتمبر بلغ مراحل متقدمة من التفكك، ولم يعد منه سوى دول بعدد أصابع اليد والباقي انزوى كماليزيا وقطر أو بات يرى أن الأمور لم تعد في صالح الاستمرار في تحالف هزيمته باتت واضحة مثل باكستان وتركيا التي تتهيأن كليهما لتبديل مواقعهما التحالفية.
وجزء من هذا التحالف كشف عن نفسه كإسرائيل وحلفائها في المنطقة الذين طبعوا معها أو في طريقهم إلى التطبيع وفضحهم الرئيس الأمريكي ترامب إمعانا في إذلالهم.
صنعاء وثورتها في العام السادس للعدوان والحصار تجاوزت المرحلة الأصعب وعنق الزجاجة وفق ما كشف عنه رئيس المجلس السياسي الأعلى عبر اتباعها استراتيجية الحزام المليان، وهي ديمومة رفد جبهات المواجهة بأشكالها المتعددة من الداخل.
الوصاية والعبء الأكبر
في العام 2014م مثلت الدولة عبئا على ثورة ال 21 من سبتمبر، التقارير الدولية والأممية كانت تتحدث في 2014م والأعوام التي سبقها عن أن اليمن أضحى دولة فاشلة ويقبع في أعلى مؤشر الفساد والفشل، نتيجة انقسام سياسي حاد بلغ حد الاقتتال، واقتصاد مسدود الأفق وهش للغاية، وأمن مفقود بلغ الحد الذي أضحى فيه التجول في شوارع العاصمة صنعاء غير مأمون العواقب، وقد تعود ميتا حيث انتشرت عمليات الاغتيال والقتل على يد عصابات القاعدة ضمن صراع أجنحة النظام السابق.
لقد كان رئيس المجلس السياسي الأعلى دقيقا في توصيفه بأن ثوار الحادي والعشرين من سبتمبر 2014م تلقفوا يمنا بلا دولة، بل إن الوصاية التي فرضت على اليمن بلغت حد نشر خبراء أمريكيين في مفاصل الدولة ومنها الأمانة العامة لمجلس الوزراء حيث كان للاستخبارات الأمريكية غرفة مراقبة شاملة للوضع الإداري للدولة والسياسي تحت مسمى خبراء، فيما كانت رأس الدولة وقياداتها العسكرية لا تقطع أمرا دون رغبة السفارة الأمريكية في سعوان وموافقتها المسبقة.
ولم تكد ينتهي العام الأول من العدوان 2015م حتى كانت الغارات التي شنتها طائرات تحالف العدوان قد بلغت نحو 200 ألف غارة جوية طالت كل مفاصل الحياة في اليمن عسكريا ومدنيا دونما تفريق، لقد قضى هذا العدد من الغارات على ما تبقى من قدرات الدولة المنهكة والمثقلة بعقود من التدمير والفساد.
من اللحظات الأولى
وفي ظل الوضع القائم والمرتبك آنذاك بين 21 سبتمبر 2014م ومارس 2015، أختار خصوم الثورة توقيتا دقيقا وخطيرا للغاية، كما وصفه الرئيس المشاط في خطابه وهو توصيف دقيق، فلم يكد يمضي على قيام الثورة سوى أقل من ستة أشهر.
لم يترك لثورة ال21 من سبتمبر وثوارها وقيادتها فرصة التقاط الأنفاس وإعادة إطلاق عجلة الحياة السياسية، خلال الفترة الزمنية الفاصلة بين الثورة والحرب (سبتمبر 2014- مارس 2015م ) عمل خصوم الثورة بقيادة سفراء الدول العشر على إفشال أشكال الحوار الذي انطلق عقب الثورة واتخاذه مطية لكسب الوقت وخداع الثورة الفتية حتى يتسنى الترتيب للحرب، ورغم بلوغ طاولة المفاوضات التي انعقدت في موفمبيك برعاية أممية ضفة الحلول لكافة القضايا الخلافية إلا أن قرار الحرب كان قد اتخذ وجرى إخراجه من البيت الأبيض عشية ال 26 من مارس 2015م.
غربة سياسية وخيانة داخلية
خلال سني العدوان الثلاث الأولى تحديدا عاشت الثورة الفتية غربة دولية كبيرة ومحلية نوعا ما حيث توارت الأحزاب السياسية في الداخل وانزوت جانبا عن تقديم يد العون في تطبيع الحياة السياسية أو مواجهة العدوان حين وقع، وبقي جناح خياني كبير للتحالف يعمل في صنعاء على تزكية الخلافات الداخلية بين الحين والأخر.
وخلال هذه السنوات واجهت الثورة الفتية مخاطر جمة تمثلت في سقوط الجنوب بيد الاحتلال، وتحقيق تحالف العدوان خرقا جديا يهدد أمن العاصمة صنعاء في فبراير 2016 م، وكان أخطرها فتنة التمرد التي قادها الخائن عفاش، وبعد ثلاثة أعوام من ادعاء مواجهة العدوان والوقوف على الحياد تجاه الثورة أماط اللثام عن نواياه وحقيقة موقفه في أغسطس من العام 2017م حين تحضر عسكريا وشعبيا مع محازبيه للانقضاض على الثورة ووصف اللجان الثورية بالمليشيا، لتتجلى حكمة القيادة الثورية وتنزع فتيل الحرب التي لم يلبث الخونة أن أشعلوها في الثاني من ديسمبر 2017م.
نجاح ثوري وبناء النصر خلال الخمس السنوات الماضية من الحرب قامت الاستراتيجية العسكرية المبنية على استخلاص العبر والثقة بالله وقدرات الشعب اليمني، وبصبر وصمت تم العمل على إعادة بناء القدرات العسكرية النوعية كأولوية يفرضها العدوان، والاستفادة من العقول المحلية لتطوير ما يمكن تطويره وجرى إنقاذه من ترسانة الجيش لم يتمكن الأمريكان من تدميرها سابقا قبيل العدوان أو طائرات التحالف، وجميع ذلك بدأ يؤتي ثمره باستعادة دفة الهجوم بدءا بعملية نصر من الله وصولا إلى عمليات إسقاط معاقل القاعدة وداعش في البيضاء وما بينهما عمليتي البنيان المرصوص وأمكن منهم، وبجميع ذلك تم قلب الطاولة على تحالف العدوان، وباتت نسائم التحرير تعانق مأرب بعد أن حولها التحالف ومرتزقته من الإصلاح والقاعدة وداعش إلى معسكر كبير وخنجر في ظهر اليمنيين.
ولا يمكن الحديث عن السنوات الأولى للصمود دون الإشارة إلى الجهد الثوري الخالص حين اختلى الساسة بالبيوت فيما لاذ الخونة بفسطاط العدوان في الرياض ومارب، حيث نجحت اللجنة الثورية العليا في إبقاء مفاصل الدولة تعمل خلال السنة الأولى حتى تم استيعاب الصدمة وترتيب خطط المواجهة في ضوء مؤشرات أفصحت أن الحرب في طريقها لتطول وتشتد قساوتها، وهذا النجاح للجنة الثورية كان له أثر كبير في تأسيس مداميك وبناء جبهة الصمود الشعبي إلى جانب حضور القائد السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، وهي جبهة جرى تعزيزها حتى وصلت إلى ماهي عليه اليوم من التمتين.
قبيل الانتصار
يكتسب الحديث عن أحد أهم أهداف العدوان الذي شن في ال26 من مارس 2015م وهو إجهاض ثورة 21 سبتمبر أهمية كبرى بعد انقلاب الميدان لصالح صنعاء وثورتها الفتية وست سنوات من الصمود في وجه العدوان والحصار، وسقوط آخر أوراق التوت في المشهد المذل للتطبيع في البيت الأبيض الأمريكي، مشهد أعاد إلى أذهان اليمنيين لحظة الإعلان عن بداية العدوان من البيت الأبيض عشية ال26 من سبتمبر 2015م، والفارق اليوم أن “إسرائيل ” أضحت ظاهرة في التحالف بعد أن ظلت تعمل مستترة لست سنوات ضمن التحالف الذي قتل زهاء 100 ألف يمني نصفهم أطفال ونساء وفق تقارير أممية ومنظمات دولية ومحلية.
التوصيف الذي حفل به خطاب الرئيس المشاط مساء الأحد عادة ما يسبق اللحظات السعيدة حيث يجري توصيف الفعل المحمود وتجميع الألم ليدرك الشعب عظمة الإنجاز والصبر وقيمة الثورة التي فتحت لليمن أفاقا رحبة لاستعادة مجدهم التليد.
وفي السنة السادسة لثورة الحادي والعشرين من سبتمبر وبعد ما شهدناه في الجنوب فإن خصوم الثورة الذين تدفقوا على الرياض على أمل العودة على متن الدبابات السعودية إلى صنعاء يبحثون اليوم عن شرعية بعد أن أوجد التحالف مكونا اقتلعهم من الجنوب، وافتقدوا بعمالتهم الشرعية الشعبية، فيما الأبواب الدولية التي كانت موصدة بوجه الثورة الفتية أدارت مفاتيحها ورضخت لإرادة الشعب اليمني وترتب حقائبها وفق مصدر دبلوماسي للعودة إلى صنعاء وفتح ممثلياتها بانتظار أن تضع الحرب أوزارها.
أن تضع الحرب أوزارها والاعتراف الدولي بالنظام السياسي المتولد عن الثورة الشعبية ثورة ال21 من سبتمبر، لم يعد بعيدا، فالتحالف يعاني في ميدان السياسة والميدان العسكري حيث معقله الرئيسي في شمال اليمن على وشك السقوط، وهو يبحث فقط الموافقة على شروط صنعاء التسعة ولا تقبل صنعاء بغير قبولها كاملة أو استمرار الحرب، لقد تغيرت الموازين وفقدت الرياض كل وسائل المساعدة.