ولاية الأمر في الإسلام إكمالٌ له وإتمامٌ

بقلم / محمد موسى المعافى

 

إن مسألة الولاية مسألة تحظى بحساسيةٍ من أكثر الأطراف وينظر إليها بعقدة عجيبة جِـدًّا على نحو تدخل فيه العصبية وَإشكالات وتعقيدات كثيرة تؤثر على الكثير من الناس حتى في التحقّق من هذه الثقافة وَالتعرف على هذه المفاهيم وأحياناً تنقل أَو تصاغ مفاهيمُ أُخرى تحسب على الناس وهم بريئون منها؛ بهَدفِ التشويه، فبمُجَـرّد أن تتحدث عن الولاية تحسب أنك تُسيء لرموز معينة.
ولا يعارض أحد من أبناء هذه الأُمَّــة أن الدين كامل لا يشوبه خللٌ ولا يعتريه نقصان.
سأتحدث في هذا المقال عن الإسلام كدينٍ كاملٍ ومن ثم نتطرق لموضوع الولاية وحاجة الأُمَّــة الماسة لهذا الموضوع.
سيدي القارئ الكريم إن الإسلام دينٌ كاملٌ عمَّ جوانب الحياة بكلها فارتبط بالجانب النفسي والفكري والعملي ونظم الجوانب الأسرية والاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية فلم يكن الإسلام ديناً مقتصراً على تنظيم عبادات محدّدة لا تعدو عن كونها حركات تعبدية دون أن يكون للإسلام دخل في تنظيم مختلف جوانب حياة الإنسان ففي الجانب الاجتماعي تكفل الإسلام بتنظيم الحياة الاجتماعية تنظيماً جعل من الأُمَّــة الإسلامية أعظم وأفضل وأرقى وخير الأمم فقضى الإسلام على العداوة والفرقة والتمزق والتشرذم الذي عاشه العرب قبل الإسلام وجعل منهم بناءً وبنياناً واحداً يشد بعضه بعضاً.
وحرص الإسلامُ على تنظيم الحياة الأسرية فحرّم كُـلَّ الأنكحة الملوثة غير الطاهرة وأقر النكاح الطاهر العفيف النظيف.
وفي الجانب الاقتصادي بنى الإسلامُ نظامَه الاقتصادي على العقيدة الإسلامية فقد جعلها أَسَاسَه في بناء المجتمع بجميع أركانه وَراعى الإسلام في بناء النظام الاقتصادي أَيْـضاً الفطرة والأخلاق الفاضلة، فَـإنَّ الإسلام جاء ليقوّم الفطرة لا ليقضي عليها، وقد أقر الإسلامُ بعض الفطر كحب المال كذلك راعى الإسلام في نظامه الاقتصادي الأخلاق الفاضلة، فحرَّم كسب المال من السرقة والغصب، وحرم إنماءه من الغشِّ والغَرَر بالناس، وحرم صرفه في الفواحش والمنكرات بل حث على كسبه من الحلال، وتنميته بالحلال، وإنفاقه فيما يُرضي الله عَزَّ وجل.
ومما اهتم به النظام الاقتصادي في الإسلام سَدُّ حاجات الأفراد، فالأصلُ أنَّ كُـلّ فرد مسؤول عن سد حاجاته، ولكن قد يَعجِز الفرد عن ذلك لظروف معينة مثل: العجز، والمرض، أَو الشيخوخة، فقد فرض الإسلام على أسرته وأقاربه سدَّ حاجاته، فإن لم يستطيعوا كانت الزكاة حقاً من حقوقه في هذه الحالة، فالإسلام هو الدين الذي تهفو إليه النفوس؛ لأَنَّ الإنسانَ تهفو نفسه إلى دين موثوق بأصله من جهة وقادر على أن يسمو به نحو الكمال المادي والروحي من جهة أُخرى وأجزم في إيمان وثقة أن الإسلام وحده هو الذي توفر فيه هذان العنصران؛ لأَنَّه هو الدين الذي وضحت معالمه وكرمت مبادئه وثبتت، وحفظ من التغيير والتحريف والتبديل والتصحيف دستوره القرآن الكريم {وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد} والقرآن كفيل بأن يحقّق للإنسان ما ينشده من ارتقاء وما يرجوه من كمال ورفعة {قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم}.
الإسلام هو الدين الكامل والمنهج الذي استهدف إقامة حياة إنسانية رفيعة.. يتحرّر فيها العقل والضمير وتستقل فيها الإرادَة والتفكير ويشعر فيها كُـلّ فرد بأنه لا سلطان لأحد عليه سوى سلطان الله الحق.
وهو الذي أهاب بالناس أن يفتحوا عقولهم ليعرفوا آيات الله في الكون وسننه في الخلق وحكمته في الطبيعة، وتعطيل قوى الإدراك وعدم الانتفاع بها يعتبر في نظره جريمة يسأل الإنسان عنها ويحاسب عليها الحساب العسير.
والإسلام بعقائده وقيمه وعباداته ومثله قد بعث الحياة في العواطف الجامدة واليقظة في القلوب الهامدة وحرك حواس الخير في الإنسان لتتسع نفسه للعلاقات الحسنة والصداقات الطيبة والمعاشرة بالمعروف، وإنه إلى جانب هذا حارب الظلم والبغي حتى لا تهدر كرامة أحد ولا تنتهك حرمة إنسان ولا يشعر ضعيف بهوان ولا يحس فقير بضياع ولا يؤخذ مال بغير حق.