السمو في القرب إلى الله

كيف نتصور القرب إلى الله؟ هل هو قرب أفقي أو قرب إلى تحت أو قرب في اتجاه العلو؟ نحن مفطورون على هذا الشعور: أن اتجاه القرب إلى الله هو في السُّمُو أليس كذلك؟ عندما يقول: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} هل تفهمون المقربين – هكذا – اتجاهًا أفقيًا أو – هكذا – تحت؟ مقربون؛

لأن الله كامل، والله هو العلي العظيم، هو من يكون أولياؤه هم أولئك الذين يتدرجون في سلم الكمال إلى حيث ينتهي بهم الكمال الذي أراده الله لهم.
إذًا فلا بد للإنسان المؤمن من واقع حرصه على أن تكون أعماله ذات قيمة كبرى عند الله، ومن واقع حرصه على أن يحظى برضى الله سبحانه وتعالى، وهو يعلم أن هذا العمل سيكون لله أرضى، وسيكون فيه لله رضى أكثر من هذا العمل الذي أنا عليه، بل إذا انطلقت إلى هذا العمل الأكبر سيكون هذا العمل الذي أنا عليه أكثر رضى لله، وأنت من واقع حرصك على أن تحصل على رضى الله، والله هو من يجدر بنا أن نبحث عن رضاه، هو من يكون لرضاه أثره الكبير في حياتنا وآخرتنا، فانطلق إذًا لتدعوه سبحانه وتعالى أن ينتهي أيضا بعملك إلى أحسن الأعمال، عملي الذي أنطلق فيه اجعله يا الله من يمتد إلى أن يكون من أحسن الأعمال، وعملي بصورة عامة، جنس عملي ينتهي بي إلى أن أعمل أحسن الأعمال داخله.
فهل يدفعك أيضا إلى أن تنظر لعملك الذي أنت عليه، والأعمال تختلف بعضها أعمال تبدو صغيرة لكنها ممن يمكن أن يكون لها غايات كبيرة، لها امتداد عظيم، فاطلب من الله أن يساعدك على أن تسير في هذا العمل، ولأنك تعلم أنه بداية عمل كبير لأن أي عمل تنطلق فيه هو بداية عمل لإعلاء كلمة الله ومواجهة أعداء الله، فإن الكلمة الواحدة داخله، فإن الخطوة الأولى فيه هي مهمة.
أطلب من الله أن يساعدك على أن تستمر فيه لينتهي هذا العمل الذي أنت قد بدأته إلى أحسن الأعمال، وعادة العمل الواحد من هذا النوع هو من يشق طريقه في سلم تكامل الأعمال فيصعد إلى أعمال كثيرة أعمال كثيرة: من وحدة كلمة، من بناء أمة إلى أن تصبح أمة كما قال تعالى: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ} (المائدة: من الآية54). هذا هو سلم الأعمال نفسها، عملك من هذا النوع لا يقف على وتيرة واحدة، ستراه وهو يدخل إلى أعمال كبرى، ستراه وهو يمتد.. يمتد وهو يصعد في سلم الأعمال فترى أعمالا كبرى، وكبرى، وكبرى إلى آخرها.
أعمال أخرى هي قد تكون محدودة، وقد تكون نادرة، أنا لا أتذكر عملا واحدا إذا ما صلحت النية وصلح توجه الإنسان فإن كل عمل ينطلق فيه – باعتبار الأعمال كلها شبكة واحدة – يخدم بعضها بعض، فسيكون كل عمل له أثره في المجال الذي أنت تهتم به، للغاية التي أنت تريد الوصول إليها بالأعمال وبالأمة، الصلاة نفسها سيكون لها قيمتها، الزكاة نفسها سيكون لها قيمتها، الحج سيكون له قيمته أي كلمة تنطلق منك أو [شخطة] بقلم لكلمة تكتبها سيكون كلها من هذا النوع الذي هو يصب في قالب عمل يمتد ويمتد ليصل إلى حيث يعلي كلمة الله تعالى، ويعلي راية الله، إلى حيث يزهق الباطل، أوليست الأمة بحاجة إلى هذا العمل؟
أوليس اليهود والنصارى هم من يعملون دائما على أن يزهقونا ويزهقوا أرواحنا ويزهقوا إسلامنا؟ يزهقوا ديننا، وكرامتنا، وعزتنا، واقتصادنا، وثقافتنا، وكل شيء؟
لاحظوا.. هم من يسيرون على هذا النحو: يريدون أحسن الأعمال التي تكون أكثر تأثيرا في ضربنا، ويبحثون عن أكمل دائرة من الأعمال في الجانب السياسي، في الجانب الثقافي، في الجانب الاقتصادي، في جانب كذا، وفي جانب كذا لا ينسون حتى الأطفال لا ينسون حتى النساء، لا ينسون حتى الكبار ولا الصغار، لا ينسون أحدا أبدا أن يضلوه بأي طريقة، دائرة واسعة من الأعمال ينطلقون فيها ويبذلون في سبيلها المبالغ الكبيرة من أجل أن يزهقوا الحق، من أجل أن يزهقوا هذه الأمة في دينها وفي كرامتها كما قد فعلوا.
فلنقل جميعا: اللهم صل وسلم على محمد وعلى آله، وبلغ بإيماننا أكمل الإيمان … واجعل يقيننا أفضل اليقين وانته بنياتنا إلى أحسن النيات، وبأعمالنا إلى أحسن الأعمال.
وصلى الله على محمد وعلى آله الطاهرين،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
#دروس_من_هدي_القرآن_الكريم
#مكارم_الإخلاق_الدرس_الأول
ألقاها السيد/ #حسين_بدر_الدين_الحوثي
بتاريخ: 1/2/2002م
اليمن – صعدة

 الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام