“فجر الحرية” يبدد آخر “خيط أسود” للعدو في البيضاء: المحافظة آمنة بالكامل
|| صحافة ||
أكملت قواتُ الجيش واللجان الشعبيّة تحريرَ محافظة البيضاء بعملية عسكرية كبرى تكللت بتطهير ما يقارب 2700 كيلو متر مربع، كانت آخر مساحة يتمركز فيها عناصر ما يسمى “القاعدة” و”داعش” التابعون لتحالف العدوان داخل المحافظة، في انتصار نوعي جديد يأتي تتويجاً لسلسلة العمليات الواسعة التي شهدتها المحافظة خلال الفترة الماضية، والتي تمثل اليوم بمجملها مرحلةً استراتيجيةً من مراحل المواجهة مع العدوّ بشكل عام، وبشكل خاص مع التنظيمات التكفيرية التي كانت قد اتخذت من المحافظة وكراً رئيسياً لها على مدى سنوات، بدعم إقليمي وغربي، لتكون منطلقاً لزعزعةِ أمن البلد والمنطقة.
العمليةُ التي أُطْلِقَ عليها اسم “فجر الحرية” تعبيراً عما تمثله من تحول استراتيجي في مسار المواجهة، استهدفت مواقعَ التكفيريين والمرتزِقة في مديريات الصومعة ومسورة ومكيراس، غرب وجنوب المحافظة، وذلك على ضوء خطة محكمة شملت عدة مسارات عملياتية تكاملت فيها أدوار الوحدات القتالية المختلفة، ومنها القوة الصاروخية وسلاح الجو المسيَّر، مع الدور المجتمعي الذي لعبه أبناءُ تلك المناطق والذي أكّـدت القوات المسلحة أنه أسهمَ بشكل رئيسي في حسم المعركة خلال 48 ساعة فقط.
وأعلن العميد يحيى سريع -ناطق القوات المسلحة- أن القوة الصاروخية وسلاح الجو المسيَّر نفّذا 10 ضربات مسددة خلال العملية، استهدفت مواقعَ ومعسكرات التنظيمات التكفيرية التابعة لتحالف العدوان ضمن مسرح العملية، بالتوازي مع اقتحامات متزامنة نفذتها قوات الجيش واللجان على أوكار التكفيريين الذين لجأ بقيتهم إلى الفرار بعد سقوط 70 قتيلاً في صفوفهم وإصابة 120، وأسر 40 آخرين بينهم قيادات.
وأظهرت مشاهدُ بثها الإعلام الحربي جانباً من تفاصيل المواجهات التي أظهر فيها أبطال الجيش واللجان احترافيةً كبيرة وبسالة منقطعة النظير أثناء الاشتباك المباشر مع العناصر التكفيرية التي برغم التدريبات المكثّـفة التي تلقتها والدعم المادي الذي كانت تمتلكه، لم تستطع أن تفعلَ شيئاً سوى الهروب من أرض المعركة.
وفضحت هذه العملية مجدّدًا الارتباطَ المباشرَ بين دول تحالف العدوان وعناصر “القاعدة” و”داعش”، حَيثُ شنت المقاتلات الحربية السعوديّة والإماراتية قرابة 30 غارة جوية لإسناد تلك العناصر وإعاقة تقدم قوات الجيش واللجان، كما وثقت عدسة الإعلام الحربي شعارات تابعة لما يسمى “مركَز الملك سلمان للإغاثة” ملصقةً على أسلحة وذخائر التكفيريين، في فضيحة جديدة، تأتي بعد أن كانت القوات المسلحة قد كشفت عدة مرات مشاهد مماثلة توثق دعمًا عسكريًّا تلقته العناصر التكفيرية من “الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية”.
بهذه العملية أصبحت محافظةُ البيضاء حُــرَّةً بالكامل، وهو الأمر الذي كان قد لاح في الأفق بشكل واضح خلال الأشهر الماضية، من خلال عمليتَي “النصر المبين 1 وَ2” اللتين كشفتا عن توجّـه حاسم للقضاء على التواجد التكفيري في المحافظة وتأمينها بالكامل، وهو الأمر الذي يجدد التأكيد على دقة وسعة الخطط والتكتيكات العسكرية التي تضعها صنعاء.
ما بعد البيضاء
يمثِّلُ تحريرُ محافظة البيضاء بالكامل ضربةً استراتيجيةً كُبرى لمشروع تحالف العدوان وداعميه الغربيين، والذين كانوا قد ساهموا بشكل واضح على مدى سنوات لجعل المحافظة وكرا رئيسيا للتنظيمات التكفيرية، ليس على مستوى البلد فحسب، بل على مستوى الجزيرة العربية بأكملها، وقد اختيرت هذه المحافظة بالذات لأهميّة استراتيجية كبيرة تأتي من كونها تتوسط عدة محافظات رئيسية، وبالتالي فهي تمثل منطلقاً لتحَرّك واسع للغاية.
وبتحريرها يواجهُ المشروعُ المعادي اليوم تهديداً بحجم تلك الأهميّة الاستراتيجية، إذ بات لدى قوات الجيش واللجان الشعبيّة مكاسبُ استراتيجية يمكن البناء عليها لتغيير خارطة السيطرة بشكل جذري على مستوى البلد، والانطلاق لتحرير أجزاء واسعة منه، وهو توجّـه تؤكّـد القوات المسلحة أنها ماضية فيه، التزاماً بإعلان قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي الصريح قبلَ أسابيعَ عن حتمية “تحرير كافة أراضي الوطن واستعادة كُـلّ المناطق المحتلّة”، وعملية “فجر الحرية”، من حَيثُ ما أنجز فيها، ومن حَيثُ كونها استكمالاً لتحرير البيضاء، تعطي أرضية صلبة وواسعة لهذا التوجّـه العام.
من تلك المكاسب التي يوفرها تحرير البيضاء والتي ترتبط عمليًّا بمعركة التحرير الجارية، فتح عدة بوابات مهمة لاستكمال تحرير محافظة مأرب وقطع عدة خطوط إمدَاد رئيسية عن المرتزِقة، وهو أمر قد استفادت منه قوات الجيش واللجان الشعبيّة بالفعل، في عملية “النصر المبين3” التي تم خلالها تحريرُ مديريتَي رحبة وماهلية، كما أن عملية “النصر المبين2” وفرت إطلالة استراتيجية مهمة للغاية على مديرية العبدية في مأرب أَيْـضاً.
وتفتحُ السيطرة على البيضاء أَيْـضاً بوابات وخطوط دعم مهمة للغاية باتّجاه محافظات شبوة وأبين ولحج والضالع التي تقع أجزاء واسعة منها تحت سيطرة الاحتلال، وقد أظهر مرتزِقة العدوان بالفعل قلقًا كَبيراً خلال الأيّام الماضية، من تقدم قوات الجيش واللجان باتّجاه شبوة وأبين بالذات.
وتحملُ تسميةُ عملية “فجر الحرية” دلالةً واضحةً تشيرُ إلى اعتزام قوات الجيش واللجان الشعبيّة الاستفادة من هذه المكاسب ضمن معادلة استكمال تحرير الوطن بالكامل، التي أعلنها قائد الثورة.
ويُمَثِّلُ الدورُ الرئيسي الذي لعبه أبناء محافظة البيضاء وقبائلها في هذه العملية، وفي مختلف العمليات السابقة التي شهدتها المحافظة، معطى مهما في معادلة “ما بعد البيضاء، فالالتحام الشعبي مع قوات الجيش واللجان الشعبيّة يؤكّـد بوضوح سقوط مشروع تحالف العدوان وغطاءاته المذهبية والمناطقية والعنصرية التي حاول من خلالها خلق فجوة بين المواطنين وبين قوات الجيش واللجان، ليضمن استمرار احتلاله للبلد، وبالتالي فَـإنَّ ما حدث البيضاء التي كانت لها أولوية خَاصَّة في مشروع العدوّ، يؤكّـد أن هناك اليوم أرضية تسمح بتكرار مثل ذلك الالتحام في محافظات أُخرى.
ومن هنا فَـإنَّ الإنجازَ الذي حقّقه أبطالُ الجيش واللجان في معركة تحرير البيضاء، والذي توجته عملية “فجر الحرية”، يتجاوز حتى الآفاق الواسعة والاستراتيجية التي فتحها على مستوى التكتيك العسكري في مسار المواجهة مع العدوّ ومرتزِقته، ويتجاوز حجم الخسائر المادية والبشرية الضخمة التي سجلها في رصيد تحالف العدوان، كما يتجاوز حتى المكسب المهم المتمثل بالقضاء على أهم أوكار التنظيمات التكفيرية.. إنه إنجاز يجمع كُـلّ تلك المكاسب جميعاً، ويضيف إليها الالتفاف الشعبي مع قوات الجيش واللجان، لتكون النتيجة أشبه بتحَرّك “ثوري” شامل للتخلص من الاحتلال وأدواته، وهذا يتخطى حدود كُـلّ الحسابات العسكرية والسياسية والأمنية المعادية التي يقاس حجم الإنجاز بدرجة سقوطها وفشلها.