الحصادُ العسكري لعام 2021.. فجرُ “حرية” و “انتصار”
مضت سنةُ ٢٠٢١ مثقلةً على التحالف بقيادة السعوديّة على اليمن، ومليئةً بالانكسارات والهزائم المدوية في الجانب العسكري، في المقابل حقّقت قواتُ صنعاء (الجيش واللجان الشعبيّة) انتصاراتٍ غيَّرت مجرى المعادلة، وأسَّست لمرحلة بناء جديد لليمن ستجعلُه من بين أقوى الجيوش في المنطقة.
ومن بين أهم هذه الانتصارات (استكمالُ تحرير محافظات الجوف والبيضاء والحديدة، إضافةً للوصول إلى تخومِ مدينة مأرب).
ولعل أبرزَ حدث أنجزته قواتُ صنعاء خلال سنة ٢٠٢١، هو تحريرُ محافظة البيضاء بالكامل، وذلك في سلسلة عمليات عسكرية كبرى، شكلت ضربةً قاصمةً للعدوان والمرتزِقة وانتكاسةً لا تزال تداعياتُها مُستمرّة إلى يومنا هذا، إذ أن محافظةَ البيضاء التي تتوسط اليمن، وتقعُ على حدود ٨ محافظات يمنية، كانت بالنسبة لأمريكا وقوى العدوان المساحةَ التي ينطلقون منها لزعزعة الأمن والاستقرار في بقية محافظات اليمن، كما أنها كانت الموطنَ الأولَ للتنظيمات والعناصر التكفيرية، وكانت بتضاريسها الوعرة والمرتفعات الشاهقة تمثل أهمَّ العقبات أمام قوات صنعاء لتحريرها، لكن الجيشَ واللجان الشعبيّة تجاوزوا ذلك وحرّروا البيضاء، وبمُجَـرّد تحريرها تهاوت جبهاتُ المرتزِقة، الأمر الذي سهّل لقوات صنعاء التقدمَ صوبَ شبوة، والسيطرةَ على مديريات (بيحان وعين وعسيلان)، كما أتاح لهم التقدمَ في الأحياء الجنوبية لمدينة مأرب، والسيطرة بعد ذلك على مديريات (حريب والعبدية وجبل مراد والجوبة)، وهي مديريات استراتيجية كانت تمثل حاضنةً شعبيّةً للمرتزِقة ومنطلقاً لهجماتهم العسكرية صوبَ المدن اليمنية.
عمليتا توازن الردع الخامسة والسادسة
وابتدأت القواتُ المسلحة العام 2021، بتنفيذ عدد من عمليات توازن الردع؛ بهَدفِ إجبار العدوان الأمريكي السعوديّ على إيقاف غطرسته وتماديه وتوحشه ضد المدنيين الأبرياء.
ونفذت قوات صنعاء عمليةَ توازن الردع الخامسة في 28 فبراير 2021 والتي استهدفت العمقَ السعوديّ بـ 15 طائرة مُسَيَّرة وصاروخ باليستي من نوع “ذو الفقار” بعيد المدى، منها 9 طائراتٍ نوع “صمَّـاد 3” واستهدفت مواقعَ حَسَّـاسةً في عاصمة العدوّ السعوديّ، كما استهدفت 6 طائرات مُسَيَّرة نوع قاصف 2k مواقعَ عسكريةً في مناطقِ أبها وخميس مشيط، وكانت الإصابةُ دقيقةً، واستمرت العملية ليلة كاملة.
ولم يكد يفيقُ العدوّ السعوديّ من صدمة عملية “توازن الردع الخامسة” حتى جاءته عمليةُ “توازن الردع السادسة” بعد أسبوعٍ تقريبًا من العملية السابقة.
وأعلنت القواتُ المسلحة اليمنية في بيان تلاه المتحدثُ العميد يحيى سريع، يوم الأحد، 7 مارس 2020 أن هذه العمليةَ نُفذت بـ14 طائرة مُسَيَّرة و8 صواريخ باليستية، في عملية هي الأوسع والأكبر منذ بدء العدوان (10 طائرات مُسَيَّرة من نوع صمَّـاد 3 وصاروخ ذو الفقار الباليستي بعيد المدى)، حَيثُ استهدفت العمليةُ شركة أرامكو في ميناء رأس التنورة وأهدافاً عسكرية أُخرى بمنطقة الدمَّام لأول مرة منذ بداية العدوان.
كما تم استهدافُ مواقعَ عسكرية أُخرى في عسير وجيزان بـ4 طائرات مُسَيَّرة من نوع قاصف 2k و7 صواريخ من نوع بدر محقّقة إصابة دقيقة، ولم يتمكّن السعوديّون من إخفاءِ هذه العملية أَو إنكارها، فمواقعُ التواصل الاجتماعي كانت تضُجُّ بالأنباء التي تتحدث عن هذا الهجوم، مؤكّـدين سماعَهم لانفجارات متتالية.
وكالعادة، ادَّعى النظامُ السعوديّ أنه اعترض طائرةً مُسَيَّرة وصاروخاً باليستياً استهدفَا خزانات بترولية في ميناء رأس تنورة ومرافق مجموعة أرامكو النفطية، في حين أكّـدت وزارة الطاقة السعوديّة أن “إحدى ساحات الخزانات البترولية في ميناء رأس تنورة في المنطقة الشرقية، قد تعرضت لهجوم بطائرة مُسَيَّرة دون طيار قادمةٍ من جهة البحر”.
عمليةُ السادس من شعبان
وجاءت هذه العمليةُ بعد أقلَّ من أسبوعين على تنفيذ عملية “توازن الردع السادسة” الكبرى.
وأعلنت القواتُ المسلحةُ في 19 مارس 2021م عن تنفيذ “عملية السادس من شعبان” النوعية التي استهدفت شركة “أرامكو” في العاصمة السعوديّة الرياض، بطائرات مُسَيَّرة لم يُكشَفْ عن نوعها، وقد اعترف العدوّ بنجاح هذه العملية التي تأتي في ظل تصعيد عسكري كبير.
وبحسب ناطق القوات المسلحة، العميد يحيى سريع، فقد نُفذت العملية بست طائرات مُسَيَّرة، ضربت شركةَ أرامكو في عاصمة العدوّ السعوديّ الرياض، وأصابت أهدافَها بدقة عالية.
وعقبَ الإعلان عن العملية، أقر النظام السعوديّ بنجاحها، وقال إعلامه الرسمي إن “مصفاة تكرير البترول في الرياض” تعرضت لما أسماه “اعتداءً” بطائرات مُسَيَّرة، وأن الهجومَ أسفر عن “حريق”، زاعماً أنه تمت السيطرةُ عليه، في محاولة للتقليل من شأن العملية بعد العجز عن إنكارها، أَو الادِّعاء باعتراض الطائرات.
عمليةُ اليوم الوطني للصمود
واستمرت القواتُ المسلحة، في توجيهِ أقسى الضربات المؤلمة والموجِعة للعدو السعوديّ، بالتوازي مع عمليات عسكرية كبرى في الميدان.
ومن أبرز العمليات العسكرية التي نفذتها القوات المسلحة في الأشهر الأولى من عام 2021، عملية “اليوم الوطني للصمود” التي جاءت تخليداً للمناسبة.
وأوضح ناطقُ القوات المسلحة، العميد يحيى سريع، أنه تم خلالها استهدافُ مقرات شركة أرامكو، عصب الاقتصاد السعوديّ، في كُـلٍّ من رأس تنورة ورابغ وينبع وجيزان، بـ12 طائرة مُسَيَّرة نوع (صمَّـاد3) وثمانية صواريخ باليستية نوع “ذي الفقار” و”بدر” و”سعير”، فيما تم استهدافُ مواقعَ عسكرية أُخرى داخل نجران وعسير بست طائرات مُسَيَّرة أُخرى نوع (قاصف 2k).
وجاءت هذه العملية في توقيت مشابهٍ للحظات الأولى التي انطلق فيها العدوان على اليمن قبل ست سنوات بالضبط، لتؤكّـد على انقلاب موازين القوة الذي حدث في المسافة الزمنية بين الليلتين، مع فارقٍ في المشروعية بين الاعتداء السعوديّ الأمريكي الغادر بالأمس، والرد اليمني الشجاع اليوم، إضافةً إلى أن اليمن لم يكن يمتلكُ في بداية العدوان أي شيء يوازي ولو جزءاً بسيطاً من القدرات التي تمتلكها السعوديّة اليوم.
كما تأتي العمليةُ عقبَ ساعات من خطاب تأريخي ألقاه السيد بمناسبة يوم الصمود الوطني وأكّـد فيه على أن اليمنَ يدخل العام السابع من المواجهة وهو في “موقع متقدمٍ” على كُـلّ المستويات، بما في ذلك مستوى العمليات العسكرية التي أكّـد القائد أنها ستتواصلُ “بزخم” كَبيراً خلال هذا العام، وهو ما تترجمُه بوضوحٍ هذه العملية التي حملت بصمةَ “المسار التصاعدي للردع”، من حَيثُ عدد الطائرات والصواريخ المستخدَمة فيها، وحجم دائرة النار التي تضمنت أهدافَها داخل الجغرافيا السعوديّة، إلى جانب كونها تأتي بعد أسبوع واحد فقط من عملية “السادس من شعبان” التي سبقتها عمليتا “توازن الردع السادسة والخامسة” بفوارقَ زمنية قصيرة جِـدًّا فيما بينها.
عمليةُ الثلاثين من شعبان
ووسّعت القواتُ المسلحة دائرةَ نيران ضربات الردع الاستراتيجية لتشملَ مناطقَ ومواقعَ جديدةً ومهمة وعلى مدى أبعدَ داخل العمق السعوديّ.
وأعلنت قواتُنا المسلحة يوم الاثنين، 12 إبريل نيسان 2021 عن تنفيذ عملية “الثلاثين من شعبان” بـ17 طائرة مُسَيَّرة وصاروخاً بالستياً، ضربت مصافي شركة أرامكو في منطقتي الجبيل (لأول مرة يتم استهدافها) وجدة، إلى جانب مواقع عسكرية حَسَّـاسة بمناطق جنوب المملكة.
وبحسب المتحدث باسم القوات المسلحة، العميد يحيى سريع، فقد تضمنت عملية “الثلاثين من شعبان” إطلاق 10 طائرات مُسَيَّرة من نوع (صمَّـاد 3) على مصافي شركة أرامكو، عصب الاقتصاد السعوديّ، في كُـلٍّ من الجبيل وجدة، وإطلاق خمس طائرات نوع (قاصف 2k) وصاروخين بالستيين نوع (بدر1) على مواقع عسكرية في خميس مشيط وجيزان.
عمليةُ جيزان الكبرى
وكشفت القواتُ المسلحة، السبت، 30 مايو أيار 2021 عن تفاصيل إحدى أوسع وأكبر العمليات العسكرية التي نفذتها قواتُ الجيش واللجان الشعبيّة في جبهة الحدود، وفي محور جيزان بالتحديد.
وأزاح الإعلامُ الحربي الستارَ عن جانبٍ من مشاهد العملية التي تضافُ إلى رصيد الملاحم البطولية الاستثنائية للمجاهدين اليمنيين، بما تتضمنه وتظهرُه من احترافيةٍ قتالية منعدمة النظير، وحنكة عالية في الرصد والتخطيط والتنفيذ والانتشار والتوثيق.
وتكللت العمليةُ بتحرير أكثر من 40 موقعاً عسكريًّا ضمن مساحة تزيد عن 150 كيلو متراً مربعاً، حَيثُ كانت تتمركز تشكيلاتُ عسكرية متنوعة من قوات الجيش السعوديّ والمرتزِقة السودانيين ومرتزِقة ما يسمى “لواء المغاوير” المحليين، وقد كشفت مشاهدُ الإعلام الحربي بشكل واضح عن تلك الاحترافية التي تجلت في مظاهرَ عدةٍ، أبرزُها الاشتباكُ المباشر والشجاع من مسافة صفر مع قوات العدوّ التي لجأت في معظم الحالات إلى الفرار عاجزةً عن الاستفادة من العتاد الحربي المتطور والكبير التي تمتلكه، والتي تحول إلى غنائم لقوات الجيش واللجان.
وتضمنت استراتيجيةُ الهجوم أَيْـضاً تنفيذَ عمليات قنص احترافية وكمائنَ نوعية واستهداف دقيق لتحصينات العدوّ، الأمر الذي كشف عن تميز كبير في التخطيط والتنسيق، بما يحقّقُ كثافةً ناريةً متنوعة ومركزة تعجّل من حسم المواجهة المباشرة؛ لأَنَّها تجعل العدوّ، إضافةً إلى هزيمته النفسية، عاجزاً عن التصرف بشكل تام، وخياراته الوحيدة هي التعرُّضُ للقتل أَو الأسر أَو الفرار، وهذا الأخير بالذات بدا في هذه العملية خياراً بائساً، فجغرافيا المعركة كانت وعرةً كما أن قوات الجيش واللجان انتشرت فيها بشكل استثنائي، حَيثُ أحاطت بمعظم المواقع من أكثر من جهة، الأمر الذي أوقع جنود ومرتزِقته العدوّ الفارين في مأزق كبير.
وقد أظهرت مشاهدُ الإعلام الحربي لحظاتٍ مخزيةً لسقوط ضباط وجنود سعوديّين من منحدرات جبلية أثناءَ الفرار (وكانت قوات الجيش واللجان قد التفت إلى الجهة التي يريدون الفرار إليها)، ما أَدَّى إلى مقتل وإصابة عدد منهم.
عمليةُ الشهيد طومر
شهر يونيو هو الآخر كان مليئاً بالأحداث، حَيثُ تمكّن أبطال الجيش واللجان الشعبيّة من السيطرة على سلسلة جبال الدحيضة الاستراتيجية الواقعة في النطاق الجغرافي لمديرية خب والشعف في محافظة الجوف، والتي تطلُّ على الأراضي السعوديّة.
وأطلق على العملية “عملية الشهيد أبو فاضل طومر”، حَيثُ انطلقت من خمسةِ مساراتٍ في جبهة الجدافر وما جاورها في جبهة المزاريق في الجوف، وانتهت بتحرير سلسلة جبال الدحيضة ومحيطها”، كما تم، خلال العملية، تدميرُ وإحراقُ أكثرَ من خمسين آلية عسكرية لقوات المرتزِقة، واغتنامُ أسلحة متنوعة وقتل وإصابة العشرات، فضلاً عن أسر عُنصرَين، وتم تحرير مساحة المنطقة التي تمت السيطرة عليها بأكثر من 40 كيلومتراً.
وجاءت العملية بعد أَيَّـام من العملية البطولية للشهيد أبو فاضل هاني طومر، الذي أنقذ مجموعةً من زملائه المحاصرين في الجوف، في مشهد تناقلته وسائلُ الإعلام، وأظهرت مدى استبساله وشجاعته التي لا نظير لها.
وبالتوازي مع ذلك أطلقت قواتُ صنعاء عدداً من الصواريخ الباليستية والطائرات المُسَيَّرة، التي طالت معسكرَ الحرس الوطني في نجران، ومواقعَ عسكريةً في مطار أبها الدولي، وقاعدة خالد الجوية في خميس مشيط، وجرى تنفيذُها بخمسة صواريخ باليستية وخمس طائرات مُسَيَّرة.