غاراتٌ مكثّـفة وتخبُّطٌ جديدٌ في الميدان.. لا أُفُقَ لانتصار العدوان على اليمن

|| صحافة ||
عاشت صنعاءُ ليلةً ساخنةً، مساء السبت، 5 فبراير شباط 2022، مع تصاعد وتيرة الغارات، واستمرارها لساعات طويلة، لتذكر اليمنيين بالأيّام الأولى للعدوان في 26 مارس آذار سنة 2015، عندما كان الطيران لا يتوقف عن التحليق، وتنفيذ الغارات العنيفة، وارتكاب الجرائم المتوحشة.
واستهدف طيران العدوان الأمريكي السعوديّ، مساء أمس الأول، معسكر “الحفاء” بصنعاء بثماني غارات متتالية، كما استهدف منطقة “النهدين” بغارتين، وهي غارات عنيفة أثارت الخوف والرعب لدى السكان القاطنين في المنطقتين، ولا سيما الأطفال والنساء.
وتأتي هذه الغارات بعد تحذيرات متعددة أطلقتها القيادة الثورية والسياسية والعسكرية اليمنية ضد قوى العدوان وعلى رأسها النظامان الإماراتي والسعوديّ، بألا تختبر “صبر” اليمنيين؛ لأَنَّ الرد القادم سيكون مؤلماً وموجعاً وخطيراً عليهم، لا سِـيَّـما بعد أن وضعت من ضمن أهدافها معرِض إكسبو 2020 في إمارة دبي.
ويبدو أن تحالف العدوان لم يفهم الدرس جيِّدًا حتى الآن، حَيثُ يصر على الاستمرار في عدوانه، وغاراته، وحصاره، على الشعب اليمني، بدفع وإيعاز من الأمريكيين والإسرائيليين، كما أكّـد ذلك قائدُ الثورة السيدُ عبدُ الملك بدر الدين الحوثي -يحفظُه الله- في خطابِه الأخيرِ بمناسبة جمعة رجب، يوم الخميس الماضي، حَيثُ توعد في خطابه “بإلحاق الهزيمة بالعدوِّ” كلما زاد ظلماً وإجراماً، معتبرًا أن الإماراتِ هي الخاسِرُ الأكبرُ من العودة للتصعيد على شعب اليمن، وَأن “الإمارات منذ بداية العدوان كانت أدَاةً رئيسةً لأمريكا وإسرائيل وبريطانيا، ووصلت مراحلُ التصعيد إلى مستويات معينة وكان نهايتها الفشل”.
وأشَارَ قائد الثورة في خطابه إلى أن “الإماراتيين يرضون الأمريكيين ويتوددون للصهاينة ويتقربون من البريطانيين وينالون سخط الله”.
ويرى عضو المكتب السياسي لأنصار الله، علي العماد، أن قوى العدوان على اليمن تحاول ترتيب أوراقها بما يخدم الكيان الصهيوني في مناطقَ حيوية من الجغرافيا اليمنية، لافتاً إلى أن جولة التصعيد الأخيرة للعدوان ظهَّرَت هدفاً أَسَاسياً للعدوان وهو ضمان أمن الكيان الصهيوني والسيطرة على ممرات الملاحة والتجارة الدولية في البحرين العربي والأحمر.
وأكّـد العماد في تصريح لقناة “المسيرة” أن الدفع بالنظام الإماراتي كواجهة للعدوان على اليمن في هذه المرحلة يعكس الفشل والإخفاق للقوى المعادية على اليمن خلال سبع سنوات من المواجهة، وأن مرحلة الصمود اليمني استطاعت القضاء على العديد من المخطّطات لقوى العدوان وستقضي على ما تبقى منها بفضل الله والالتفاف الشعبي تحت قيادة السيد القائد عبد الملك الحوثي.
من جهته، قال رئيس الدائرة الإعلامية للمؤتمر الشعبي العام، طارق الشامي: إن تصعيد التحالف بين النظام الإماراتي والكيان الصهيوني يُبرز الدور الصهيوني في العدوان على اليمن، مؤكّـداً أن جولة التصعيد الأخيرة مع ما رافقها من مظاهر التطبيع بين النظام الإماراتي والكيان الصهيوني تشكل حافزاً جديدًا لخوض معركة التحرير الوطني.
وأشَارَ الشامي في تصريح خاص لقناة “المسيرة” إلى أن توظيف النظام الإماراتي المعتدي على بلدنا للأدوات المحلية في هذه الجبهة أَو تلك لن يُفضِيَ إلى تغيير المعادلات الميدانية في ظل مبدئية تحرير كُـلّ الأراضي المحتلّة، وأن النظام الإماراتي والسعوديّ يقدمان نفسيهما كخط دفاع أول عن الكيان الصهيوني.
بدوره، قال أمينُ عام حزب الشعب الديمقراطي، سفيان العمَّاري: إن النظامَ الإماراتي يعرّضُ بلادَه لخسائرَ مفتوحةً، من خلال مواصلة التصعيد ضد الشعب اليمني، لافتاً إلى أن محورية الاقتصاد بالنسبة للنظام الإماراتي تضعه أمام تهديد وجودي في حال الاستمرار في العدوان على اليمن.
وأشَارَ العماري إلى أن واحدية المعركة بالنسبة لمحور المقاومة عبرت عن نفسها من خلال مُباشرة الرد على تصعيد النظام الإماراتي وفي ظل مشهد التطبيع مع الكيان الصهيوني، كما أن واحدية المعركة معادلة استراتيجية بالنسبة لمحور المقاومة ولا يمكن إلغاؤها، وسنجد مفاعيلها في كل ميدان من ميادين المواجهة.
ميدانٌ عسكريٌّ ساخن
وخلال سبع سنوات مضت، أثبتت الوقائع أن القصف والغارات المُستمرّة على صنعاء والمناطق “الحرة” لا تحسم أية مواجهة عسكرية بين أبطال الجيش واللجان الشعبيّة من جهة وقوات المرتزِقة من جهة أُخرى، كما أن الغارات لم تتمكّن من إعاقة تقدم المجاهدين في أكثر من جبهة، وهو ما يدل على أن هذه الغاراتِ على العاصمة تأتي كنتيجةٍ للإخفاقات المتكرِّرة في الميدان العسكري، وهزيمة العدوان ومرتزِقته في المواجهات.
وعلى الرغم من أن الإمارات أعادت العجلة إلى الوراء، وتراجعت في شبوة، بعد أن تلقت ثلاث صفعات متتالية عبر عملية إعصار اليمن الأولى والثانية والثالثة، إلا أن السعوديّة التي تستخدم أدواتها من مليشيا حزب “الإصلاح”، حاولت خلال اليومين الماضيين فتح جبهة جديدة مع قوات صنعاء في منطقة “حرض” بمحافظة حجّـة شمال غربي البلاد، وهي منطقة سبق أن دارت فيها أعنفُ المعارك وأشرسُها خلالَ السنوات الماضية، ولم تحصُدْ قوى العدوان سوى الخَيبةِ والخُسرانِ؛ ولهذا تكرّرت الهزيمة مرة أُخرى خلال اليومين الماضيين، وفقد العدوان قيادات عسكرية بارزة.
غير أن التكتيك العسكري لقوى العدوان، قابله تكتيكٌ آخر من قبل قوات صنعاء، فبمُجَـرّد أن تم فتح جبهة “حرض”، حتى سارعت قوات الجيش واللجان الشعبيّة بالتوغل في “جيزان”، واقتحام اللواء 18، والسيطرة على معدات وأسلحة عسكرية، وقتل العشرات من الجنود السعوديّين والسودانيين، وهو ما يفسر الغارات على صنعاء ليلة أمس.
وبموازاة التصعيد الجوي والبري، تنفذ البحرية الأمريكية والإسرائيلية، بمشاركة بعض الدول الخليجية المنضوية في العدوان على اليمن، مناورات بحرية في منطقة البحر الأحمر، ما يثير تساؤلاً عن دوافع هذه المناورة في هذا التوقيت، وهل لها علاقة بما يدور من تصعيد مؤخّراً أم لا؟
ويُفهَمُ من خلال التحَرّكات الأمريكية الإسرائيلية، أنها تنفّذ عدة مناورات بحرية في عدة مناطق بالعالم، ما يشير إلى أنها مناورات ضد محاور، أَو أقطاب، وليست مناوراتٍ ضد دول، أَو ضد اليمن بالتحديد.
رسائلُ سلام
وحتى الآن، لا يزال النظام الإماراتي يتحسس رأسه، متوقعاً ضربة قادمة قد تقصم ظهره الاقتصادي، لا سِـيَّـما أن خيار الرد اليماني ضد تصعيد العدوان لا يزال قائماً، وقد أثبتت قوات صنعاء أن أي تصعيد سيقابله تصعيد مماثل.
وأمام هذه الموجة العنيفة من الأحداث، برز المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس جروندنبرغ، من جديد، محاولاً تلطيف الأجواء، وإعادة الأطراف اليمنية إلى طاولة المفاوضات، ولهذا فقد التقى برئيس الوفد الوطني محمد عبد السلام في سلطنة عمان قبل أَيَّـام، ودار بينهم حديث طويل، لكن وفد صنعاء ركز على الجانب الإنساني بشكل عام، مطالباً الأمم المتحدة القيام بدورها في هذا الجانب، من خلال رفع الحصار، وإيقاف العدوان، ومعالجة آثاره، والإسراع في تحريك ملف الأسرى والمفقودين.
وفي مسار بعث رسائل سلام عُقدت الأربعاء الماضي مباحثاتٌ بريطانية أمريكية سعوديّة بشأن سبل إحلال السلام باليمن.
وقال وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، جيمس كليفرلي، في تغريدة عبر تويتر، إنه “عقد لقاءً هَامًّا مع المبعوث الأمريكي إلى اليمن، تيم ليندركينغ”، وأن اللقاء “ناقش كيف يمكن للمجتمع الدولي دعم المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، وجميع الأطراف في العمل؛ مِن أجلِ السلام في البلاد”، دون تفاصيل أُخرى.
وفي تغريدة أُخرى، أفاد كليفرلي بأنه” أجرى نقاشاً جيِّدًا مع السفير السعوديّ لدى اليمن، محمد آل جابر”، وأن اللقاء ركز على “هدفنا المشترك المتمثل في السلام والأمن في اليمن والمنطقة”.
وتؤكّـد صنعاء أن الجدية في أية دعوة للسلام يجب أن تترجم بوقف إطلاق النار، ورفع الحصار الخانق عن الشعب اليمني، بما في ذلك فتح مطار صنعاء الدولي أمام الرحلات الجوية، والسماح لسفن المشتقات النفطية بالدخول إلى ميناء الحديدة؛ باعتبَار ذلك جانباً إنسانياً لا يخضع للمساومة، وهنا تتمسك القيادة السياسية والثورية في اليمن بعدم القبول باشتراطات العدوان التي تحاول ربط الجانب الإنساني بالعسكري في أية مفاوضات أَو محادثات سياسية قادمة.
لن تنتظرَ الإماراتُ والسعوديّةُ كَثيراً، طالما استمرَّ العدوانُ والحِصارُ على اليمن، فالإعصارُ الرابع قد يكون قوياً وموجِعاً، ولعلَّ معرِض إكسبو 2020، سيكونُ على قائمة الأهداف القادمة، وخَاصَّةً بعد تكرار النُّصح من قبل المتحدث الرسمي لقوات صنعاءَ، العميد يحيى سريع، بالابتعاد عنه.
صحيفة المسيرة