عن الحج

بقلم / أحمد يحيى الديلمي

 

هل كان يعتقد أحد قبل سنوات أن أمور الحج تتحول إلى هذا المستوى من الإذلال والامتهان بل والمنع والصد، فلقد تجاوز النظام السعودي كل محذور في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ، ركز على جزاء من يصد الناس عن الحج الذي قال فيه سبحانه وتعالى ( سواءً العاكف فيه والباد ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم )، واليوم من المهازل الكبيرة أن ما يتم تحصيله من رسوم الحج وهي مبالغ كبيرة- يتم إنفاقه على مواقع الترفيه، يا له من إسلام ويالها من نفوس حقيره تتعاطى مع الإسلام بطريقة نفعية تامة وكأنهم- أي آل سعود- جاءوا يكملون ما لم يتوصل إليه أبو جهل وأبو سفيان في إطار الحرب على الإسلام بمحاربته وتشويهه ومنذ أن استولى على الحكم المدعو عبد العزيز آل سعود حول الحج من مؤتمر سنوي عظيم يجتمع فيه المسلمون تحت سماء واحدة إلى طقوس عبادية فقط وهذه الطقوس مخالفة لما اتفق عليه علماء الأمة، ولهذا السبب كان شيخ الإسلام العلامة علي عبدالله اليماني رحمة الله عليه قد أفتى بعدم جواز الحج في ظل سيطرة الوهابية على مواقع الفريضة ومن المصادفات العجيبة أن طائرات العدوان التي جاءت لقصف اليمن استهدفت المرحوم في قبرة بمقبرة خزيمة وكأن هذا النظام المارق لا يفرق بين الأحياء والأموات لأن غريزة الانتقام الحقيرة كامنة في أعماقه آل سعود وهم على استعداد أن يتابعوا المستهدفين حتى وهم بين أيدي أرحم الراحمين في قبورهم ، فالقبر هو التسمية الصحيحة لآخر مستقر ينزل إليه الإنسان قبل قيام الساعة وليس البرزخ كما يذهب إلى ذلك بعض العلماء، والبرزخ هو فاصل وهمي وتعبير عن هذا الفاصل الذي يفصل الإنسان عن الحياة وكل ما حوله كما جاء في القرآن الكريم بينهما برزخ لا يبغيان ، أي البحر المالح والنهر العذب دون أن تختلط فيه قطرة واحدة ، وهذا هو ما أراد الخالق سبحانه التعبير عنه.
نعود إلى سياق الموضوع ، فالحج كما قلنا فريضة عظيمة جعلها الله مؤتمراً سنوياً يجتمع فيه المسلمون من كل بقاع الأرض لمناقشة أمور دينهم ودنياهم، وهذا مالم يرُق للنظام السعودي كما قلنا، فقد حوَّل الفريضة إلى مجرد طقوس عبادية ومن حاول أن يتشبث بالفريضة وفقا لتعاليم السنة النبوية الطاهرة يتحول إلى مارق وإرهابي في نظر آل سعود، وبعد هذه المتغيرات غير السوية لا أدري ما الذي تبقى من قدسية الفريضة أعتقد أن ما ورد في الآية الكريمة (ليشهدوا منافع لهم ) هو الذي لا يزال باقياً من الفريضة، أما بقية الطقوس المتسمة بالقدسية والمؤكدة لقوة الحضور فلقد غابت عن الأذهان وعن الواقع كما قلنا لم يبق من الفريضة إلا أسمها ومن الطقوس إلا رسمها وكل المسلمين يلوذون بالصمت دون أن يتحرك منهم أحد ولم يحرك ساكنا وكأن فريضة الحج حكرا على النظام السعودي يتصرف فيها كيفما يشاء ويحدد طقوسها بالطريقة التي يراها مناسبة لإراداته وبنفس التعاليم الوهابية التي خرجت الكثير منها عن حدود الإسلام وتعاليمه السامية .
لا زلنا نتخيل ولو بشكل بسيط تلك الطقوس التي كانت ترافق موسم الحج في بلادنا والتي للأسف غُيبت منذ ظهر شبح الإخوان المسلمين فاعتبروها بدعة وضلاله رغم أنها مقدمات جميلة لا تتجاوز الذكر والدعوة إلى الاتعاظ من فريضة الحج ، قالوا أي الإخوان أن من سرق وزنى وتعاطى المخدرات ونهب الأراضي يمكن أن يتطهر من كل هذا إذا ذهب لأداء فريضة الحج أو العمرة، أي أن الفريضة تجب ما قبلها، وهي كلمة حق أريد بها باطل خاصة إذا ما أدركنا أن دعوات التطهر من الذنوب والأدران كانت عبارة عن مقدمة لطلب العون لصالح الإخوان المسلمين، وهذه أكبر جريمة فقد أساءوا إلى الإسلام واستهانوا بالدعاء والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى وكل هذا جاء بتوجيه من أسيادهم في الرياض والدرعية وواشنطن كما صاغها محمد بن عبد الوهاب وترجمها أخو نواره أنها فعلا مهزلة تستدعي وقوف المسلمين جميعا وكم كان القذافي رحمة الله عليه محقا حينما طلب بأن تتشكل دولة إسلامية في الأراضي المقدسة تتولى الإشراف عليها ويشارك فيها المسلمون بالتناوب وهي دعوى رغم أن الكثير استهانوا بها والسعودية تبنت ضدها حملة قوية اتهمت الرجل بالجنون والإلحاد إلا أن الأيام أثبتت أنه كان على حق وأن المسلمين كلما تركوا العنان لهذه الدولة الماجنة المسماة السعودية فإنها ستتحكم في كل أمور الحج وتسيِّرها كما تشاء، وهذا ما يحدث اليوم حتى أن عدد الحجاج يتم اختزاله في أرقام محدودة لا يتجاوز خمسة بالمائة من أبناء الدول الإسلامية الذين يرغبون في أداء فريضة الحج، وهم في هذا يستخدمون الأعذار والمبررات تارة بجنون البقر وأخرى بكورونا وكلها مسميات مبتدعة ما انزل الله بها من سلطان ، المهم أن يضبطوا سيناريو الحج كما يحلو لهم، وهذا هو بيت القصيد الذي تسعى الحركة الصهيونية منذ زمن إليه ، لا يسعنا في آخر هذا المقال إلا أن نقول إنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ونتمنى أن تحدث صحوة إسلامية حقيقية تطهر بيوت الله من دنس هذه الأسرة وليس ذلك على الله ببعيد، والله من وراء القصد .