إن موضوع الولاية كما يقول السيد القائد هو : ((موضوع يرتبط به مصير هذه الأمة، مصير هذه الأمة، إن نصراً أو هزيمة، أو عزاً أو ذلاً، أو خيبة وشقاءً أو عزاً وسعادة، مصير هذه الأمة يرتبط بموضوع الولاية، إن الله جل شأنه عندما قال: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}(المائدة: 55-56) هم الغالبون)).
وعن أهمية مناسبة يوم الولاية يتحدث السيد عبد الملك قائلا:
مناسبة الهامة لها قيمتها الكبيرة ولها أهميتها الكبيرة في هذا العصر بالذات, في هذه المرحلة بالذات, لها قيمتها ولها أهميتها في مواجهة أكبر مشروع تآمري ضد الأمة, في مواجهة أكبر مؤامرة على الأمة, ما يمثل خطورة كبيرة على الأمة, ففي هذا العصر وعلى نحو غير مسبوق تُدفع الأمة دفعاً بشتى الأساليب وبكل الوسائل إلى اتخاذ اليهود والنصارى أولياء, أولياء, إلى أن يكون اليهود والنصارى ألد أعداء هذه الأمة, أسوأ أعداء هذه الأمة, أقبح أعداء هذه الأمة, يكونون هم أولياء هذه الأمة, ويكون ولاء هذه الأمة لهم, يكونون هم من يحكمون هذه الأمة ومن يتحكمون بها, ومن يتحكمون بكل شؤونها, ويحكمونها في كل مجالاتها, ويسيطرون عليها سيطرة تامة
الإيمان بثقافة الولاية إيمان بكمال الدين وتمام النعمة
إيماننا بمبدأ الولاية كما قدمه الله في القرآن الكريم، وكما أعلنه الرسول في مثل هذا اليوم على المسلمين، إيماننا بهذا هو إيمان بكمال الدين، إيمان منا بأن دين الله كامل، أن الإسلام دين ودولة، أن الإسلام نظام كامل للحياة، الإسلام الذي قال الله عنه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ}(المائدة:3). هذا الإسلام هو كامل، من كماله أن يشمل كل جوانب الحياة بالنسبة للإنسان سواءً الشؤون السياسية، أو الشؤون الاجتماعية، الشؤون الاقتصادية، كل شؤون الإنسان؛ لأن هذا الدين بحقيقته بجوهره هو نظام، نظام يسير عليه الإنسان، نظام لحياة الإنسان، وشمل كل جوانب حياة الإنسان.
فإيماننا بثقافة الولاية، وإيماننا بمبدأ الولاية هو إيمان بكمال الدين، وأن الدين ليس بناقص، من يجعلون أمر الدولة في الإسلام قضية غائبة لم يحدد فيها الإسلام منهجاً ولم ترتبط بالله هم يضيفون النقص إلى الله، يجعلون في دينه ثلمة ونقصاً خطير جداً، يترتب عليه ضياع شؤون الناس، ويترتب عليه ألا يقوم الدين، هذه بعض الأمور الهامة التي نستفيدها من هذه المناسبة التي هي مناسبة هامة.
(السيد القائد خطاب يوم الولاية 1429هـ)
بلاغ الرسول سيبقى عبر الأجيال
اليمنيون يعيدون تجسيد الاجتماع التاريخي قبل ألف وأربع مائة عام والذي هو تجسيد واقتداء وإتباع لاجتماع تاريخي قبل ألف وأربعمائة عام، اجتماع في حضرت الرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه و على آله وسلم)، ونحن إذ نجتمع في كل عام لتجسيد ذلك الاجتماع، نحن نمثل ذلك الاجتماع ونعمل من خلال اجتماعاتنا أن يبقى صدى صوت رسول الله ويبقى بلاغه قائماً عبر الأجيال، يبقى ذلك البلاغ الذي أداه رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، من فوق أقتاب الإبل، والمؤمنون يسمعونه في حالة كهذه، تحت حرارة الشمس في غدير خم، في تلك البقعة التي قدم فيها بلاغ له أهميته الكبيرة في الإسلام، حتى أن الله قال للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): { وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}، {بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}(المائدة:67).
فاجتماعنا وحرصنا على أن يبقى صوت الرسول وبلاغه وكلماته النيرة التي حملت إلى أمته مضموناً مهماً وقاعدة هامة وأساساً هاماً في الدين، يترتب عليه مصير هذه الأمة، وهو موضوع الولاية.
في هذا العصر في هذا الزمن نحتاج إلى أن نتفهم موضوع الولاية أكثر من أي وقت آخر، فهذا الموضوع في ظل الوضع الراهن الذي يتسابق فيه معظم المسلمين – في مقدمتهم الأنظمة والحكام – يتسابقون في الانظواء تحت ولاية اليهود والنصارى بدلاً من ولاية الله وولاية رسوله وولاية الإمام علي (عليه السلام) التي هي امتداد لولاية الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
ثقافة الولاية تقدم لنا الرؤية الصحيحة ثقافة القرآن, موقف الإسلام تجاه مسألة الولاية, من نتولى وإلى أين يكون ولاؤنا؟ من يحكمنا, من يتحكم في شؤوننا؟ أين يكون توجهنا في ذلك كله؟ هل إلى الله, إلى ولايته, إلى ما هو امتداد لولايته التي هي قائمة على الرحمة, قائمة على الحكمة, قائمة على العزة, قائمة على الخير, قائمة على السعادة في الدنيا والآخرة, يترتب عليها أن نكون أمة غالبة, يكون الله معنا ينصرنا, يعزنا, يؤيدنا, يكون بذلك فلاحنا وخيرنا, أو الاتجاه الآخر الذي يوجد دفع للأمة فيه بشكل غير مسبوق, تجاهه بشكل لا نضير له, تسخر من أجله كل الإمكانيات, إمكانيات الشعوب نفسها, ثرواتها المادية, إمكاناتها كلها تتجه فيه الحكومات العربية بكل ثقلها وبكل إمكاناتها, مع أنها في نهاية المطاف هي ستكون خاسرة, الحكام العرب, الزعماء العرب أنفسهم في نهاية المطاف سيخسرون كل شيء؛ لأنه اتجاه يترتب عليه الخسران ويترتب عليه الندم كما أكده القرآن الكريم.
نحن في هذه المسيرة نتحرك بوعي وببصيرة عالية من هذا العمق الإستراتيجي, من هذا الانتماء, من هذا المبدأ, مبدأ الولاية لله سبحانه وتعالى, الإيمان بهذه الولاية وما هو امتداد لها, التحرك على أساس الوعي لهذه الولاية والتحرك في إطارها والانطلاق على أساسها, واثقين بأن النتيجة هي النتيجة التي ذكرها الله في القرآن الكريم {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}(المائدة:الآية55-56), نؤمن بأن النتيجة هي هذه النتيجة {هُمُ الْغَالِبُونَ}, هذا التوجه وهذا التحرك من خلال هذا المبدأ يوصل حتماً ويقيناً إلى هذه النتيجة, إلى أن نكون الأمة الغالبة في مواجهة هذه الأخطار, أن نخرج من واقعنا كأمة مستضعفة مستذلة مقهورة إلى أمة عزيزة, إلى أمة غالبة, إلى أمة منتصرة بإذن الله الواحد القهار, وحسب وعده الصادق الذي لا يتغير ولا يتبدل ولا يختلف أبداً.
الإمام علي (عليه السلام) حامل القيم الإيمانية والنموذج الأرقى والأكمل لولاية أمر الأمة
الإمام علي (عليه السلام) هو حامل القيم الإيمانية التي تؤهله لقيادة الأمة, وأن يكون هو حلقة الوصل الأمينة والوثيقة والتامة للأمة بنبيها (صلى الله عليه وآله وسلم), فالأمة اختلفت بعد نبيها أشد الاختلاف، وأمام تشعب الطرق, وتعدد السبل, واختلاف المسالك فإن الامتداد الأصيل والنقي والتام للنهج المحمدي والموصل إليه هو عليٌ (عليه السلام) كما قال رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله): ((علي مع القرآن والقرآن مع علي)) وكما قال (صلى الله عليه وعلى آله): ((عليٌ مع الحق والحق مع علي)) وكما قال (صلى الله عليه وعلى آله): ((يا عمار إذا سلك الناس وادياً وسلك عليٌ وادياً فاسلك وادي علي)).
ونحن في هذه المسيرة نحن ننطلق هذا المنطلق نسلك وادي علي الذي يوصلنا ويربطنا بالنهج المحمدي إلى الصراط المستقيم، وذلك ما نطمئن إليه ونثق به ونحن منه على يقين، ويقول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم): ((يا علي لا يحبك إلا مؤمن, ولا يبغضك إلا منافق)) في هذا المسار الإيماني وهذا المسلك الذي هو مسلك مؤكدٌ ينطلق فيه الإنسان على بينة وبصيرة وهدى بكل وثوق ليصل بك فعلاً إلى المنهج المحمدي الأصيل.
والإمام علي (عليه السلام) هو الأكمل والأرقى بكمال إيمانه وقيمه لقيادة الأمة حاذياً بها حذو نبيها، ولديه المؤهلات اللازمة، إيمانٌ عظيم بالله, ولهذا قدمته الآية المباركة بأول صفة من صفاته وهي الصفة الإيمانية{إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ} إيمانٌ عظيمٌ بالله على أرقى درجات الإيمان يؤهله لأن يكون في مستوى المسئولية الكبيرة والعظيمة, رحمةٌ عظيمةٌ بالأمة, ليس متجبراً ولا طاغياً ولا متعسفاً ولا ظالماً, رحمة عظيمة بالأمة، واستيعاب عظيم لهدى الله ولمنهج الله, وعلمٌ كبيرٌ به فهو الأذن الواعية، وهو باب مدينة علم رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله).
فتولينا للإمام علي (عليه السلام) يمثل حلقة وصل وامتداد لولاية النبي وامتداداً لمشروعه العظيم ومجسداً لقيم الإسلام، ولارتباط الأمة به ، ارتباط الأمة به ارتباطٌ بمسار الهداية الذي يوصلك إلى الرسول ومن الرسول إلى الله, وتأثر الأمة به له مردوده التربوي العظيم, في عزمها وفي همتها وفي استشعارها للمسئولية, وفي تفانيها في سبيل الله, وفي مواجهتها للتحديات, وفي سائر الأمور التربوية.
ثم هو النموذج الأرقى والأسمى والأكمل الذي يجب أن تتطلع الأمة إليه لمعرفة المعايير والمؤهلات لقيادتها التي يمكن أن تقودها في مسار الولاية الإلهية, فولاية أمر الأمة وموقع قيادة الأمة هو من الأساسيات في إطار الولاية الإلهية التي تحقق للأمة ارتباطها بها وفوزها بمكاسبها, هذا هو مبدأنا, هذا هو فهمنا لتلك النصوص من كتاب الله ومن بلاغ الرسول ( صلوات الله عليه وعلى آله).
الولاية الإلهية تشكل مظلة لحماية الأمة من الولاية اليهودية
ولمواجهة الولاية الأمريكية التي تريد أمريكا أن تفرضها على العالم، أمريكا تسعى أن يكون لها على كل شعوب العالم ولاية مطلقة, ولاية لها ولإسرائيل, في مواجهة ولاية الأمر اليهودية ليس هناك أي ثقافة في مستوى المواجهة لهذه الثقافة ولهذه الهيمنة الأمريكية والغربية إلا أن تحتمي الأمة بمظلة الولاية الإلهية بمفاهيمها الصحيحة, هذا ما يمكن أن يحمي الأمة, وإلا فالبديل هو الولاية الأمريكية, وأن تكون أمريكا وإسرائيل هي من تتحكم في شؤون الأمة, أن يكون ما هو سائد في واقع الناس, ما يفرض على الناس, ما يعمله الناس, ما يتوجه فيه الناس, ما يلزمون به, ما يلزمون بالتقبل له, هو ما تريده أمريكا لا ما يأمر به الله، هو ما تقرره الإدارة الأمريكية وتسعى له إسرائيل لا ما يأمر الله به في كتابه، فيأمر الله بأمر ويوجه توجيهاً معيناً ويكون هناك في المقابل إرادة أمريكية مناقضة لهذا التوجيه الإلهي, توجه أمريكي يعارض هذا التوجيه الإلهي, وهناك يؤثر ما تريده أمريكا على ما أمر به الله, فيكون المتبع, يكون المتقبل, يكون السائد هو ما تدعو إليه أمريكا وتريده أمريكا, وتسعى له أمريكا وإسرائيل, ما يدفع إليه الناس, ما يؤمر به الناس, ما يوجه إليه الناس, ما تبنى عليه حياتهم, ما تدار به أمورهم سياسياً واقتصادياً وثقافياً وفي كل أمورهم وشؤونهم على حسب ما تقرره أمريكا وإسرائيل.
يكون المتبع بدلاً من القرآن الكريم وتعليمات القرآن الكريم تعاليم الإدارة الأمريكية وما يقدمه السفير الأمريكي والمسؤولون الأمريكيون الذين يزورون هذه الدولة العربية أو تلك, يكون هم الزعيم العربي أو الحاكم العربي أو النظام العربي أو الحكومة العربية المعينة أن تمضى على شعبها وتفرض على شعبها وتوجه شعبها, وتقرر في شؤون شعبها ما تريده الإدارة الأمريكية, وما الذي ستريده الإدارة الأمريكية؟ ما الذي ستقدمه أمريكا وإسرائيل لشعوبنا ولأمتنا وهي العدو الحاقد الذي لا يريد لنا أي خير, وهي المفلسة ليس لها أخلاق ولا إنسانية ولا ضمير ولا شرف ولا مبادئ محقة, فئة تعاد الله وتعاد البشرية وتعاد الإنسانية هل يمكن أن يقدموا لنا ما فيه خير لنا؟.
كل ما يقدمونه من خطط كل ما يفرضونه علينا من رؤى, من ثقافات في أي شأن من شؤون حياتنا سياسياً أو اقتصادياً أو عسكرياً هو بما يضرب أمتنا ويحقق مصالحهم هم وحسب, وهذه حقيقة واضحة، ومن يتأمل الواقع يدرك أنه لا مخرج للأمة إلا بهذا المبدأ, مبدأ الولاية, ولاية الله سبحانه وتعالى, والتي من امتداداتها ولاية رسوله, ومن امتدادات ولاية رسوله ولاية الإمام علي (عليه السلام) والذي كان هذا اليوم هو ذكرى ذلك البلاغ الذي سيبقى عبر الأجيال مخلداً في كل زمن وفي كل عصر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
( السيد عبد الملك ـ خطاب الولاية 1434هـ)
أهمية إحياء يوم الولاية
مناسبة يوم الولاية هي أولاً شهادةٌ للرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ببلاغه التاريخي العظيم الذي حينما بلّغه قال أمام الملأ جميعاً ( ألا هل بلّغتُ ..اللهم فاشهد ) . إننا ونحن نحيي هذه المناسبة ، وعبر الأجيال – إنما نشهد للرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه بلّغ ذلك البلاغ الذي أُمر بتبليغه .
هذه المناسبة هي أيضاً تخليد لذلك البلاغ الذي أراد له الرسول ( صلوات الله عليه وعلى آله ) أن يبقى في أمته عبر الأجيال – تعرف به الأمة جيلاً بعد جيل – لأن بلاغات الرسول وتوجيهات الرسول التي أطلقها عامةً في أوساط أمته ، وأوساط المؤمنين والمؤمنات هي للأمة كلها عبر الأجيال ، جيلاً بعد جيل ، وخصوصاً ما يتعلق بالثوابت والأسس ، والقضايا المهمة والرئيسية التي ليست وقْتِيَّه ، ولا ظرفيه – إنما هي للأمة كلها جيلاً بعد جيل . فهذه المناسبة هي تخليد ، وهي إحياء ، وهي أيضاً حفاظٌ على ذلك النص المهم الذي أقرّت به كل المدارس الفكرية والثقافية – الدينية في أوساط المسلمين ، كل المذاهب في مدارسها وفي كتبها الحديثية المهمة أقرّت ، وأكدت ، ونقلَت واقعة الغدير وبلاغ الرسول ( صلوات الله عليه وعلى آله ) في يوم الولاية ؛ ذلك البلاغ التاريخي العظيم ، وذات الأهمية الكبيرة للأمة ؛ فنحن نحافظ على نصٍ نبويٍ مهمٍ يبقى متوارثاً بين أوساط الأمة – معنى ذلك أننا نحيي سنة رسول الله ، وأننا نحافظ بحق على سنة رسول الله ( صلوات الله عليه وعلى آله ) وبلاغاته المهمة التي وجهها إلى أمته ، والتي يترتب عليها أمورٌ مهمة جداً في واقعها وحياتها سنتحدث عنها في سياق حديثنا في هذه الكلمة .
أيضاً من ما يناسب أو من أهمية ما في هذه المناسبة أنها مناسبةٌ لترسيخ مبدأ قرآنيٍ ، إسلاميٍ ، نبويٍ ، إيماني – من أهم المبادئ وهو مبدأُ الولاية ، ومبدأُ الولاية ليس مبدأً يعبّر فقط عن طائفةٍ ابتكرته ، أو مذهبٍ اخترعه ، أو مدرسةٍ فكريةٍ أنتجته ، أو متقِّولٍ تقوّل به “لا” إنه نصٌ من الله العظيم ، إنها آيات القرآن التي تتلى في كتاب الله في (سورة المائدة) وإنه البلاغ التاريخي العظيم المتواتر بين الأمة والذي نقلته كل مدارسها ، ومذاهبها ؛ هذا البلاغ الذي على لسان الرسول ( صلوات الله عليه وعلى آله ) في “يوم الغدير”.
(السيد عبد الملك ـ خطاب يوم الولاية 1435هـ).
ولاية الله نور وبصيرة ورعاية ونصر
إن ولاية الله والتولي لله هي علاقةٌ إيمانيةٌ ، وعروةٌ وثيقةٌ يرتبط بها الإنسان المؤمن مع الله سبحانه وتعالى ، ولاية الله سبحانه وتعالى وهو الرب ، وهو الملك ، وهو الإله ، وهو الهادي ، وهو المدبّر ، ولايته لعباده المؤمنين يتولى هو رعايتهم ، وهدايتهم ، ونصرهم ، ومعونتهم ؛ إن هذه الولاية تعبّر عن طبيعية العلاقة الإيمانية ، والارتباط الوثيق بين المؤمن وبين الله – المؤمن الذي يتولى الله – يعتمد على الله – يلتجئُ إلى الله – يستعين بالله – يستنصر بالله ، وهو أيضاً يسير في واقع حياته على ضوء توجيهات الله ، وتعليمات الله ، وهداية الله سبحانه وتعالى . هذه الولاية التي قال عنها جل شأنه {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ}البقرة 257. هكذا هي الولاية الإلهية ، ولاية هداية ونور ونصر { ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ} سورة محمد(11) {وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ}آل عمران(68) . {وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ} الجاثية(19) . آيات كثيرة تتحدث عن ولاية الله ، وكيف نتولى الله ، وكيف تكون عملية التولي لله حالةً من الارتباط الإيماني الوثيق بالله سبحانه وتعالى في كل مقامات الحياة ؛ رؤيةً وبصيرةً ، ونوراً ، واستبصاراً ، وفي مواجهة التحديات ، والأخطار ، والأعداء ، والمعضلات ، وكذلك إرتباطاً بحبل الله سبحانه وتعالى الذي به نكسب من الله معونته ، ونصره ، ورعايته ، وتوفيقه ، وتسديده ، ونتفيأ في ظل الولاية الإلهية برحمة الله الرحيم ، وكرم الله الكريم ، ونصر الله القوي العزيز ؛ وهكذا هي مسألة إيمانية طبيعية ، بعيداً عن تشويه الآخرين ومحاولتهم أن يتحدثوا عن المسألة بطريقة بشعة ومشوّهة وكأن المسألة لا أساس لها لا في القرآن ، ولا على لسان الرسول ( صلوات الله عليه وعلى آله ) . (السيد عبد الملك ـ خطاب يوم الولاية 1435هـ)
الاحتفال بيوم الولاية احتفاء بتمام النعمة وكمال الدين
يحتفل شعبُنا الـيَـمَـني العزيز في كثير من المناطق ويحتفل المؤمنون في كثير من أرجاء الأرض في هذا اليوم المبارك في اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة من هذا العام ومن كُلّ عام بمناسبة إسْـلَاميةٍ دينية عزيزة ومهمة هذا اليوم العظيم هو يوم وصفه الله سبحانه وتحدث بشأنه عن أنه كان يوماً تأريخاً عظيماً قال عنه جل شانه (وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) كما يذكر المفسرون وأصبح من الثابتِ تأريخاً في السير أن هذه الآية المباركة أن هذا النصَّ القرآني العظيم نزل في يوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة، فهو إذن يومٌ عظيمٌ، يوم أكمل اللهُ فيه الدينَ وأتم فيه النعمةَ ويومٌ أتم فيه تعاليمَه المهمةَ التي تضمنُ سعادة البشرية وصلاح حياتها واستقامة أمرها إن هي تمسكت بها.
شعبُنا الـيَـمَـني العزيز بحُكم إيمانه بحُكم هُويته بحكم مبادئه وقيمه وروابطه الإسْـلَامية عبر التأريخ يهتمُّ بهذه المناسبة ويتوارثُها عبر الأجيال كما يهتمُّ بالمناسبات الدينية الأُخْـرَى وعلى رأسها ذكرى المولد النبوي الشريف، غير غريبٍ على شعبنا الـيَـمَـني أن يهتمَّ بهكذا مناسبات، وأن يتفاعلَ معها بكل محبة وبكل إعزاز وبكل اهتمام، هذا هو شأنُ المؤمنين هكذا هم المؤمنون عادةً في القيمة للدين بمبادئ الدين بمناسبات الدين القيمة المهمة في النفوسِ في المشاعر في الوجدان بكل ما له صلةٌ بإيمانهم بدينهم بقيمهم بمبادئهم، وهذا هو واقعُ شعبنا الـيَـمَـني العزيز يمن الإيمان، وهل نتوقعُ من يمن الإيمان ممن قال عنهم النبيُّ فيما رؤى عنه صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وعلى آله: “الإيمان يمان والحكمة يمانية” إلا أن نراهم في طليعة الأُمَّـة في كُلِّ ما يعبِّرُ عن الإيمان وفي كُلّ ما يرتبطُ بالإيمان وفي كُلّ ما له صلةٌ بالإيمان.