نص كلمة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي خلال لقائه بالسلطة التنفيذية المركزية والمحلية 1444 هـ -2022 م
أَعُـوْذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الحمدُ لله رَبِّ العالمين، وأَشهَـدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ الملكُ الحقُّ المُبين، وأشهَدُ أنَّ سيدَنا مُحَمَّــداً عبدُهُ ورَسُــوْلُه خاتمُ النبيين.
اللّهم صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــد، وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــد، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ إنك حميدٌ مجيدٌ، وارضَ اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين، وعن سائر عبادك الصالحين والمجاهدين.
أيُّها الإخوة الأعزاء
السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
أرحب بكم جميعاً: الأخ الرئيس، والأخ رئيس الوزراء… وكافة المسؤولين الحاضرين، كلاً باسمه وصفته، نأمل- إن شاء الله- أن يكون مثل هذا اللقاء لقاءً مفيداً ومثمراً في إطار المساعي للارتقاء بالأداء العملي في مؤسسات الدولة، وفي مقدِّمتها: السلطة التنفيذية، التي لها دورٌ مهم، وعليها مسؤوليةٌ كبيرة، وعلاقتها في موقعها بالمسؤولية بالناس في شؤونهم الحياتية، وأمورهم المعيشية، وظروفهم الأمنية، علاقة حسَّاسة، وعلاقة مهمة.
أول ما نحرص على التذكير به في مثل هذه اللقاءات، وفي مثل هذا المقام المهم: أن نُذَكِّر أنفسنا جميعاً بأهمية المسؤولية في خدمة الناس، وإدارة شؤونهم، ما بيننا وبين الله “سبحانه وتعالى”، جانبٌ أساسيٌ يتصل بالإنسان بشكلٍ عام هو المسؤولية.
الإنسان في هذه الحياة، الإنسان المكلف، الإنسان الذي منحه الله “سبحانه وتعالى” الإدراك والتمييز، وأتم عليه الحجة، هو في هذه الحياة في موقع المسؤولية، عليه مسؤوليات والتزامات حددها الله “سبحانه وتعالى”، ربنا، وملكنا، وخالقنا، ورازقنا، والذي إليه المصير، يحاسبنا ويجازينا على ما قدمنا وعملنا.
وعبَّر القرآن الكريم عن أهمية مسؤولية الإنسان، ومستوى هذه المسؤولية، التي يتهاون بها الكثير من الناس، ولا يدرك مستوى حجمها وعبئها، وما ينتج عنها، لكن التعبير القرآني والتمثيل الذي يقرب إلى ذهنيتنا مستوى الأهمية، إذا تأملناه، يهز وجدان كل إنسان مؤمن، ويبعث فيك روح اليقظة، ويصنع فيك الاهتمام، ويدفعك إلى التعامل بجدية مع مسؤولياتك في هذه الحياة، قال الله “سبحانه وتعالى” في القرآن الكريم: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}[الأحزاب: الآية72].
الأمانة هي تشمل عنوان المسؤولية، ما خوَّلنا الله فيه، وما وجهنا به لنتعامل مع ما منحنا إياه في أنفسنا، وفي حياتنا، وما منَّ به وأنعم به علينا في إطار استخلافه لنا في هذه الأرض، هذه الآية المباركة تبين كم أن حجم مسؤولية الإنسان كبيرٌ جدًّا، ومن أهم ما يجب أن نستوعبه عن المسؤولية هو هذا العنوان القرآني: (الأمانة)، المسؤولية أمانة، وهي ترجمة عملية لأداء هذه الأمانة، التي حمَّلنا الله إياها في إطار استخلافه لنا في الأرض، وهذه المسؤولية هي بهذا الحجم، الحجم الذي تنوء بحمله السماوات، مع عظمها، مع اتساعها، ومع كبرها، تنوء بحمله الأرض، بكل جرمها وثقلها، وتنوء بحمله الجبال، بكل شموخها، وعظمتها، وأحجامها الهائلة.
حمل المسؤولية هو كبيرٌ جدًّا، ويتطلب أن يحملها الإنسان بوعي، ويقظة، وإدراك لعواقب التفريط، ومخاطر الإهمال والتقصير، حتى يتعامل بجدية، وإلا فسيكون الإنسان إذا تعامل باستهتار مع المسؤولية، سيكون في واقعه، وممارساته، وأسلوبه، وطبيعة تعامله مع مسؤولياته كما في ختام الآية المباركة: {ظَلُومًا جَهُولًا}، يكثر منه الظلم، ويكثر منه ما هو جحدانٌ للنعمة، ما هو جحودٌ لفضل الله عليه “سبحانه وتعالى”، ما هو مقابلةٌ لإحسان الله إليه بالإساءة، والجهل في كل شيء، نتيجةً للاستهتار واللامبالاة، وعدم الاستيعاب لأهمية الأداء الصحيح، والحمل الصحيح للمسؤولية، على النحو الذي يرضي الله “سبحانه وتعالى”، ويحقق الخير للإنسان.
فأول ما ينبغي أن ندركه هو هذا الجانب: المسؤولية ليست لعبة، ليست ممارسة لهواية، ليست عبارة عن موقع تسلط واستغلال للجانب المعنوي، والصلاحيات… ونحو ذلك، أو لأطماع شخصية.
المسؤولية مسؤولية أمام الله “سبحانه وتعالى”، والإنسان بشكل عام في موقع مسؤولية، لكنه عندما يكون في موقع لإدارة شؤون الناس، تكبر المسؤولية، ويعظم الوزر عند التفريط، أو عند الخيانة، فالإنسان بحاجة إلى أن يدرك أنَّ مصيره إلى الله، أنه يخضع لرقابة الله “سبحانه وتعالى”، وأن الله سيحاسبه، وسيجازيه، إن كان صادقاً مع الله “سبحانه وتعالى”، باذلاً لجهده في أداء مسؤولياته على النحو الذي يرضي الله، يرجع إلى الله بالتوبة، بتلافي التقصير بشكلٍ مستمر، وأيضاً يسعى إلى ما يساعده في أداء مسؤولياته على نحوٍ أفضل، وهذه هي النقطة الثانية في حديثنا.
في أداء المسؤوليات، الإنسان يتحرك مهما كانت حسن نواياه، ومهما كان اهتمامه، ومهما كانت جديته واستشعاره للمسؤولية، يحتاج إلى تطوير أدائه العملي، من خلال امتلاك مهارات عملية تساعده على حسن الأداء، من خلال اكتساب الخبرة الإدارية اللازمة؛ ليستفيد منها في حسن أدائه العملي، وأيضاً يحتاج إلى التغذية الروحية المستمرة، التي من خلالها ينطلق باندفاعٍ كبير، بإحساسٍ عالٍ بالمسؤولية، بدافعٍ إيماني، الدافع الإيماني دافع لا يساويه شيء، عندما يكون دافعاً صادقاً، مبنياً على إيمانٍ صادقٍ وواعٍ، ويحتاج إلى الوعي، إلى النور، إلى الحكمة، إلى الهدى، إلى أن يستفيد من نور الله “سبحانه وتعالى”، الذي يضيء له الدرب، والذي يُكسِبه الحكمة في مفهومها الصحيح في أدائه وعمله، فلذلك لابدَّ من الاهتمام المستمر بالأداء، وتطوير الأداء، وتحسين الأداء، من خلال الاهتمام بكل هذه الأمور:
-
جوانب المهارات.
-
والجانب الإداري.
-
والجانب الثقافي الذي يحتاجه لوعيه، لبصيرته، لفهمه الصحيح، للحكمة، لمعرفة تعليمات الله “سبحانه وتعالى” التي سيحاسب على الإخلال بها يوم القيامة، ويعاقب في الدنيا والآخرة، وأيضاً لأن يستفيد في اكتساب الدافع الإيماني، والتزود بالدافع الإيماني، الذي يحتاج إليه الإنسان في مواجهة الصعوبات، والتحديات، والعوائق، والأمور المزعجة التي تؤثر على الإنسان في أدائه العملي.
ثم ننظر إلى المسؤولية إلى أنها في الأساس هي مسؤولية جماعية، إدارة شؤون المجتمع، العمل لإقامة القسط، العمل لخدمة الأمة، هذه مسؤولية في أساسها مسؤولية جماعية، تتكامل فيها الأدوار، تتظافر فيها الجهود، ويأتي المجهود الجماعي ليحقق نتائج كبيرة، ونتائج عظيمة، ونتائج مهمة، فالإنسان إذا كان في موقع مسؤولية لا يفكر في كيف يتحرك بمفرده، ليس عنده علاقة وثيقة في نطاق مسؤولياته العملية، من لهم صلة بمسؤوليته على المستوى الإداري، في التركيبة الإدارية والهيكل الإداري، ممن لهم علاقة بنفس المسؤولية، أو بنفس العمل بشكل أو بآخر، بمستوى أو بآخر، فالمسؤولية جماعية، تحتاج إلى التعاون، ولذلك لا بدَّ من التعاون ما بين الجهات المركزية: الوزارات، والمؤسسات في صنعاء، وما بين المحافظات، هذا التعاون والتنسيق والتفاهم وبروحٍ أخوية هذه مسألة ضرورية، لابدَّ منها؛ لتحقيق النجاح الكبير، وللوصول إلى النتائج المهمة، التعاون، والتكامل، والتظافر للجهود، يحقق الله به النتائج الكبيرة، وتأتي معه البركة من الله “سبحانه وتعالى”، تأتي البركة من الله “سبحانه وتعالى” لتجعل لهذا التعاون، لهذا المجهود الجماعي نتائج عظيمة وأثاراً طيبة.
ثم على مستوى كل فريق عمل، فريق العمل في المحافظات، أو فريق العمل في الوزارة، الكل بحاجة في نطاق مسؤولياتهم وأعمالهم إلى أن يسود بينهم التعاون، كما أمر الله: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}[المائدة: من الآية2]، التفاهم، التنسيق، التكامل، الأخوّة، الاستفادة من بعضهم البعض، على مستوى التفكير، والابتكار، والخطط، والتدبير، وعلى مستوى المجهود العملي، هذه مسألة أساسية للنجاح، والله أرشدنا إلى ذلك، والواقع يشهد أن للتعاون الثمرة الطيبة.
أمَّا المجهود الفردي، مهما كان إخلاص الشخص وهو في موقع مسؤولية، مهما كان اهتمامه، إذا كان يتجه هكذا بشكلٍ فردي وشخصي، يريد أن يعمل هو لوحده كل شيء، أن يقتصر على تفكيره هو، لا يريد أن يستفيد من الآخرين، لا يريد أن يشترك مع الآخرين في مناقشة الأمور والقضايا، ولا يريد أن يتعاون معهم على المستوى العملي؛ فسيخفق ويفشل، وسيبقى نتاجه، وعطاءه، ونجاحه محدوداً جدًّا؛ لأن المجهود الفردي محدود في مقابل المجهود الجماعي، حتى على مستوى التفكير والخطط ونحو ذلك، فهذه نقطة هامة جدًّا، يجب أن يكون هذا التعاون، وهذا التفاهم، بين الجهات المركزية والمحافظات، داخل الوزارة، داخل كل محافظة، أن يسود بين الجميع التعاون.
ثم في إطار الاهتمام العملي، وتحسين الأداء، وتطوير الأداء، لابدَّ من العناية بالتقييم، هناك مقررات في عملية التقييم من خلال وزارة الإدارة المحلية للمحافظات يمكن، بل لابدَّ من الاستفادة منها.
التقييم مسألة مهمة جدًّا، ويساعد بشكلٍ كبير على تطوير الأداء، على تلافي القصور، على معالجة جوانب الخطأ، وهذه مسألة من أهم الأمور، لمن يؤدي مسؤوليته باستشعار للمسؤولية ما بينه وبين الله، وبدافع إيماني وإنساني وأخلاقي، يجب أن يكون حريصاً على تحسين أدائه العملي، على تلافي أخطائه وجوانب القصور لديه، فالتقييم مسألة مهمة وضرورية جدًّا، ولابدَّ من العناية بها، وهي من أهم ما جربنا الاستفادة منه- فيما قد مضى- في الارتقاء بالعمل، وما هناك من عمل فيه نجاح إلا وكان للتقييم أثر في ذلك، وإسهام في ذلك، ودور أساسي وفاعل في ذلك، كل عمل ينجح، للتقييم فيه الأهمية الكبيرة في تحقيق النجاح، وهذه أيضاً مسألة مهمة جدًّا.
فيما يتعلق بأداء المسؤولية، من الجوانب الأساسية هي: الدوام، الحضور، التواجد، القرب من الناس، هذه مسألة مهمة جدًّا، في المراحل الماضية، وبالذات في المراحل التي كان فيها تكثيف للاستهداف الجوي والقصف الجوي، وبما أنه كان من أهم ما ركَّز عليه تحالف العدوان: الاستهداف للمباني الحكومية والمؤسسات الحكومية، وهو يهدف إلى تعطيل عمل الدولة، ويهدف إلى أن يصيب العمل الحكومي في كل مقراته وفي كل مسؤولياته بالشلل، يريد أن يعطل عمل الدولة، عمل الحكومة، عمل المسؤولين بشكلٍ كامل، هذا واحد من أهدافه في العدوان، واحد من الأهداف الرئيسية لتحالف العدوان؛ لأنه لا يريد أن يبقى هناك لا شكل، ولا حضور، ولا عمل رسمي وحكومي في البلد، يريد أن يكون الوضع مسيباً وفوضوياً ومنفلتاً، ليصل إلى تحقيق أهدافه الشيطانية بحق بلدنا.
ففي تلك المرحلة نتيجةً للاستهداف المكثف حصل نقص كبير في الدوام، وفي الحضور بين الناس، وفي القرب منهم، في فترات الهدنة، وفي الفترات والأوقات التي يحصل فيها نسبة لا بأس بها من الأمن، أو تقل حالات القصف والاستهداف الجوي، يتوجب الحضور بشكل كبير وتعويض المراحل الماضية، تعويض المراحل الماضية التي كان فيها غياب كبير عن الناس، بعد كبير عن المجتمع، نقص كبير في الدوام، نحتاج إلى:
-
دوام مكثف.
-
تنشيط للحضور مع المجتمع.
-
تعزيز للروابط والتواصل مع المجتمع.
-
والعناية بمعالجة مشاكل المجتمع وهموم المجتمع.
-
والعناية أيضاً بإنجاز معاملات المجتمع.