يوم فَرَّ المارينز مذعوراً

يوم أمس كان 11 فبراير ‘ والذي يذكرنا بثورة الشباب في 2011 م ‘ ويذكرنا أيضاً بالخروج الأمريكي المذل من العاصمة صنعاء في 11 فبراير 2015م.
وبعودة إلى ذلك الحدث الذي ربما لم يعط حقه حينها من الاهتمام والقراءة نجد أن ما حصل كان بمثابة انتكاسة حقيقية تعرضت لها أمريكا في صنعاء وهي التي جعلت من صنعاء ولاية أمريكية إن صح التوصيف من خلال القوات الخاصة المارينز التي حشدتها وضاعفتها خلا 15 عاما وجعلت منها عاصمة “السي آي إيه” للقرن الأفريقي ومنطقة الخليج وتحكمت في القرار السياسي والأمني والعسكري وتحكمت حتى في المنافذ البرية والمطارات والموانئ وفي مراقبتها ومراقبة مراكز الإصدارات الآلية الجوازات وغيرها وفي عمل الأجهزة الأمنية وفي عمل الجيش وفي معسكراته وفي تسلحه وفي ذخيرته وفي معركه وحروبه وفي كل التفاصيل.
من ينكر أن السفير الأمريكي جيرالد فايرستاين كان رئيس الرئيس وكان مشرف المعارضة وصاحب القرار في السلطة وكان مسؤول المنظمات ومشرف العلاقات الخارجية لليمن هو من يحدد للسعودية ولغيرها لما يجب أن تفعله في اليمن وحتى المبادرة الخليجية وحسب مطلعين فإن السفير آنف الذكر هو من صاغها بل وكان سفراء الدول الخليجية يقولون بأنهم لم يكونوا جزءاً من صياغتها ولم يعرفوا مضامينها النهائية فالسفير الأمريكي هو من فعل ذلك ‘ ثم جمع السلطة والمعارضة وذهب بهما إلى الرياض للتوقيع عليها.
كانت اليمن كلها في عهدة السفير ولقد أطلق عليه أيضا شيخ مشايخ اليمن بل وقال صادق الأحمر حين سئل من يحكم اليمن أجاب السفير الأمريكي وبالفعل كان هو الحاكم المطلق والآمر المطاع.
منذ العام 2000 كانت اليمن رهينة لأمريكا لكنها أصبحت أكثر ارتهانا وخضوعا منذ 2010م وبات المسؤولون اليمنيون ارجوازات ظاهرية فقط أما القرار فلم يكن لهم شيئا.
تعززت القبضة الأمريكية اكثر بعد ثورة 2011م واصبح سفراء دول العشر هم المقرريين ولكن تحت إشراف السفير الأمريكي فمثلا كان السفير جيرالد فايرستاين يشرف على السفراء ولدى كل سفير مهمة مكلف بها مثلا السفيرة البريطانية حينها كانت تشرف على الملف الاقتصادي وعلى ملف الحوار الوطني أما السفير الفرنسي فكان عليه ملف مسودة الدستور وهكذا كل سفير من العشرة يدير ملفا من الملفات التي يحددها السفير الأمريكي أما السفير الأمريكي نفسه فكان يشرف مباشرة على عملية هيكلة وفكفكفة الجيش وعلى الملفين الأمني والعسكري وكان أيضا يشرف على هادي الذي لم يكن يملك من أمره شيئا بل لم يكن يعين مدير مديرية إلا بالرجوع إلى السفير الأمريكي واستاذانه.
هكذا كانت البلاد وهكذا كان الأمريكيون يعبثون فيها ويسرحون ويمرحون وفي الحقيقة كانت بلادنا تحت الاحتلال الخارجي وإن لم يكن ذلك بالشكل المعلن صحيح أن أجزاء من بلادنا اليوم تخضع لمليشيات غير وطنية ولسيطرة أجنبية لكنها تختلف عما كان عليه الوضع سابقا في أن ما هو قائم اليوم هو احتلال بصورته الواضحة قوات أجنبية تحتل مناطق ومحافظات يمنية أما فيما سبق فكان احتلالاً يأخذ شكل الدولة الوطنية نفسها ويتلبس لبوسها.. لكنه يعبث بالبلاد وأمنها واقتصادها كما يريد.
جاءت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر لتنتزع القرار السياسي والأمني والعسكري من بين براثن الأمريكيين وأحلافهم انتزاعا وتستعيد السيادة والقرار وتعيده للشعب وإرادته الحرة ولهذا اصطفوا جميعا في مواجهتها منذ الوهلة الأولى لكنها شقت طريقها نحو صنعاء حتى انتصرت ثم واصلت إنجازاتها وضيقت على الأمريكيين في أوكارهم وقوضت نفوذهم حتى فروا مذعورين من داخل الثكنة العسكرية المسماة السفارة الأمريكية وفروا وإلى غير رجعة في 11 فبراير 2015م
ولهذا فإن هذا اليوم يستحق أن نسميه يوم انتهاء الوصاية الأمريكية على اليمن.
غادروا بعد أن رأوا بأن اليمن لم تعد عاصمة إقليمية للسي اي ايه ولم تعد قاعدة أمريكية مفتوحة للمارينز الأمريكي ولهذا عادوا بالحرب العسكرية والحصار غير أن ذلك لم يحقق لهم شيئا غير أن الإرادة الوطنية قد تعمقت أكثر وتجذرت الروح الثورية في ملايين اليمنيين ولن تتوقف هذه الثورة الوطنية الإيمانية إلا بنصر عزيز ويمن أعز من الأمريكيين وأحلافهم.