الشهيد القائد… ضرورة ومنهج
الجهل بالله والدين وضرورة وجود العَلَم
مرت البشرية بكل طوائفها وأقوامها منذ الوجود الأول لها على الأرض، بالكثير من المراحل التاريخية التي جثم عليها الظلام والضلال وغلب عليها طابع الجهل بالله وبدينه ونواميسه لعصور متباعدة، رأت خلالها البشرية أنه لا بد من وجود إله لهذا الكون الشاسع، يكون هو المخصوص بالقداسة والتعظيم والمستحق للعبادة والطاعة فاتخذ كل جنسٍ أو شعبٍ منها له آلهة أو طاغوت يخصه بالعبادة والتقديس بحسب ما سولت له أفكاره ومعتقداته الخاطئة التي سيطر عليها الضلال والانحراف، قال تعالى: ﴿ قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ﴾.
ونتيجة لذلك كان لا بد من وجود رابط يتعرف من خلاله البشر على ربهم الحق فبعث الله إليهم الرسل والأنبياء عليهم السلام، والذين اصطفاهم الله تعالى من أزكى خلقه وهيأهم ليكونوا معلمين ومرشدين لهداية البشر، وليقيموا عليهم الحجة ويخرجونهم من الظلمات إلى النور ويفكون عنهم أغلال الضلالة والخضوع للطواغيت والمفسدين، ومن هنا جاءت حتمية وجود السيد الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه كواحدٍ من الأعلام والهداة الذين ألقى عليهم الله تعالى مسؤولية هداية الناس وإرشادهم للدين الحق.
عصر الهيمنة الأمريكية (الشيطان الأكبر)
قال تعالى: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۖ وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ﴾.
مع ما وصلت إليه البشرية في عصرنا الحالي وما قبله من تطور تكنولوجي هائل في العلم في كل مجالات الحياة، لدرجة جعلت هذا العالم الفسيح عبارة عن قرية صغيرة يسهل فيها التواصل بين الشعوب وتبادل الثقافات والحضارات الإنسانية، ورغم وضوح ثقافة الهدى والحق، المتمثلة في اتباع القرآن الكريم ونبذ كل الثقافات الشيطانية، إلا أن الناس وبشكل خاص الأمة الإسلامية، سلموا كغيرهم لهيمنة الثقافة المادية والدنيوية التي زينها الشيطان في عيونهم، فانحرفت بهم عن الحق وأوقعتهم أسرى بيد الطاغوت والأهواء فنسوا الله ربهم وتذكروا ما دونه وتناسوا هداه وتعاليمه، التي جاءت على لسان رسوله الخاتم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فساد الضلال من جديد وانتشر الظلم والقتل والشر وجثمت على الأنظمة والشعوب قوانين الطاغوت والشيطان الأكبر (أمريكا وإسرائيل) التي سنها فقط لخدمته، واضعًا كل جوانب الحياة في العالم (السياسية والاجتماعية والاقتصادية) تحت رحمته ناصبا نفسه حاكما للعالم والناس فهو الحق وهو العدل وهو سيد الأرض وما دونه باطل.
الشهيد القائد ضرورة ومشروع
لذلك كله كان لابد من وجود العَلَم والهادي كضرورة ملحة يحتاج إليها الناس في كل عصرٍ وزمان ومن هنا انطلق السيد الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه) بمسؤولية هداية الناس وإعادتهم إلى المنهج الصحيح والدين القيم، معلنًا عن مشروعه القرآني العالمي المؤسس على موالاة أولياء الله والبراءة من أعدائه، في مرحلة تعد من أخطر مراحل حلقات مسلسل المؤامرات الأمريكية الإسرائيلية للسيطرة الشاملة على المنطقة وفق خطوات منظمة ومدروسة، حَيثُ توجّهت خلالها أمريكا بكل ثقلها وقدراتها وإمْكَاناتها على نحو غير مسبوق، وتحَرّكت في كُلّ الاتّجاهات لاحتلال المنطقة العربية تحت هذا الغطاء.
انطلق الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه) من منطلق ما تحتمه الضرورة وما استشعره من مسؤوليات ليس عليه وحسب، وإنما على كل فرد مسلم، وهو يعي ويدرك ما سيواجهه مشروعه القرآني النقي من مصاعبٍ ومعوقات وحرب لا هوادة فيها من جانب حزب الباطل المتمثل في أمريكا وإسرائيل وأدواتهما، وهو ما عبّر عنه قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله) في نص كلمته في الذكرى السنوية للشهيد القائد 1443-2022م بقوله: “ما عاناه الشهيد القائد “رضوان الله عليه”، وما حورب لأجله، نرى صورةً تقريبيةً له فيما تعانيه أمتنا في هذه المرحلة، فيما تعانيه شعوبنا في هذا الوقت، فيما تعانيه المقاومة في فلسطين وفي غير فلسطين، وما يعاني منه أحرار الأمة، وهم يتبنون الموقف الصحيح، الذي يفرضه عليهم انتماؤهم للإسلام، ويفرضه عليهم انتماؤهم لهذه الأمة، ويفرضه عليهم الحق في كل اعتباراته وصوره، تفرضه الفطرة الإنسانية السليمة، في التصدي لأعداء الأمة، في حملتهم التي يستهدفون بها الأمة استهدافاً شاملاً في دينها وديناها”.
كشف الحقائق
جاء المشروع القرآني الذي حمله الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه) ليكشف للناس جملة من الحقائق التي غفلوا عنها نتيجة بعدهم عن الله والقرآن الكريم، والتي حاول العدو عكسها على غير وجهها الصحيح، وسرعان ما انكشفت تلك الحقائق بوضوح للمستبصرين والمتأملين في هذا المشروع العظيم، لتثبت اليوم مصداقية كل ما قاله وأرشدنا إليه الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه) ولعل من أهم تلك الحقائق حقيقة من يكون العدو المتربص بالأمة شرا، والمتسبب في معظم المشاكل التي تعاني منها مؤكدا لنا أن العدو هما أمريكا وإسرائيل وهذه الحقيقة هي ما تحدث عنها أيضًا قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله) في نص كلمته في الذكرى السنوية للشهيد القائد 1443-2022م بقوله: “عندما نعود إلى الحقيقة التي هي حقيقةٌ واضحة، مهما تنكر لها عملاء أمريكا وإسرائيل، ومهما تنكر لها، أو تجاهلها، ناقصوا الوعي من أبناء هذه الأمة، الحقيقة الواضحة البينة أن أولئك هم أعداء بكل ما تعنيه الكلمة، وأنهم يسعون للسيطرة على أمتنا من خلفيةٍ عدائية، وبسياسةٍ عدائية، وبممارساتٍ عدائية، ولأهدافٍ عدائية، وعداؤهم لأمتنا، وعداؤهم لنا كمسلمين، هو معتقدٌ دينيٌ يؤمنون به، وهو أيضاً ثقافةٌ معتمدةٌ لديهم، ورؤيةٌ فكريةٌ راسخةٌ عندهم، وهو أيضاً استراتيجيةٌ أساسيةٌ يبنون عليها مخططاتهم، ويبنون عليها برامجهم العملية التي يتحركون على ضوئها في واقع أمتنا”.