نص كلمة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي في تدشين المراكز الصيفية 1444 هـ-2023 م
الجمعة 8 شوال 1444هـ 28 أبريل 2023م
حَيَاكُم اللَّه جَمْيَعًا، وجُمْعَةٌ مُبَارَكَة أَيَضًا.
أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّدًا عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
أَيُّهَــــا الإِخْــــوَةُ الأعِزَّاَءُ الحَاضِرُونَ جَمِيعًا: السَّــلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَــةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُــه
في هذه الفعالية، ندشِّن ونفتتح الدورات الصيفية، التي تأتي في إطار الاهتمامات التعليمية والتثقيفية لشعبنا اليمني المسلم العزيز، الذي تمسك وواصل اهتمامه بالتعليم، والأنشطة الثقافية، بمختلف أنواعها، بالرغم مما يعانيه، من العدوان، والحصار، والاستهداف الواسع، الاستهداف الذي توجه جزءٌ كبيرٌ منه نحو منع التعليم وإعاقة التعليم، والسعي نحو منع أي أنشطة تثقيفية وتعليمية.
لا يخفى علينا جميعًا كم دُمِّر من المدارس، واستُهدِف من المدارس والجامعات، واستُهدِف من المساجد، من جانب تحالف العدوان، وكيف استُهدِفت العملية التعليمية في كل مراحلها، وفي كل مجالاتها، بالحصار، الحصار: جزء منه يستهدف العملية التعليمية، وكيف تُستهدَف العملية التعليمية، والأنشطة التثقيفية والتعليمية، بحملات دعائية وإعلامية واسعة ومكثفة؛ بهدف إبعاد الناس عنها، وثني الناس عنها، والتشكيك فيها، والسعي لصد الناس عن الإقبال إليها، حرب متنوعة، وحرب شاملة، تستهدف هذا المجال المهم، وهذا أيضًا مما يفضح طبيعة أهداف الأعداء، وطبيعة عدوانهم لشعبنا العزيز، ومن الشواهد الكبرى على سوء أهدافهم، وطبيعة توجهاتهم العدائية، عندما حاربوا شعبنا العزيز في كل شيء، حتى في هذا المجال المهم، معنى ذلك: أنهم يريدون أن يعيقوا على شعبنا العزيز نهضته، وأن يعيقوا عليه كل أنشطته الأساسية، التي يبني عليها مسيرة حياته.
ثم مع كل ذلك، وبالرغم من حجم الاستهداف، والمعاناة، وتقديم الشهداء الكُثًر، والمعاناة الشديدة جدًا، على المستوى المعيشي، الذي كان لوحده يمكن أن يكون ضاغطًا كافيًا لإعاقة العملية التعليمية والتثقيفية، إلَّا أن الأنشطة التعليمية مستمرة، بمعونة الله، وبتوفيق الله، وبصبر الرجال الأكفاء، ومثابرة الطلاب الأعزاء، والتعاون من أبناء شعبنا العزيز، لهذا استمرت العملية التعليمية.
الدورات الصيفية- بنفسها- تلقى حصةً أكبر من الاستهداف، وبالدرجة الأولى: الاستهداف الإعلامي، والحملات الدعائية، في الصد عنها، وفي التشويه لها، وهذا يدل على أهميتها الكبيرة، وإيجابيتها، وأثرها النافع.
انزعاج الأعداء، أعداء هذا الشعب، الذين استهدفوا أبناءه بالقتل الجماعي، واستهدفوا بنيته التحتية بالتدمير، واستهدفوا أبناءه في معيشتهم، وواقعهم الاقتصادي، وفي كل مجالات حياتهم، انزعاجهم الشديد جدًا من الدورات الصيفية، يعبِّر ويشهد على أهميتها، يعبِّر عن أهميتها، ويشهد على أهميتها؛ لأنهم لا يريدون لشعبنا أي خير، ولذلك ينزعجون من كل ما يساهم على بناء جيله، والارتقاء بمستواهم، في العلم، والمعرفة، والوعي، والتربية الإيمانية، وغير ذلك، فلذلك يتوجهون عادةً بحملات دعائية، عبر وسائلهم الإعلامية، وأنشطة سلبية في التثبيط، والتخذيل والتشويه، عبر أبواقهم من الطابور الخامس، والمنافقين والذين في قلوبهم مرض، ممن يتواجدون بين أوساط الشعب، ولكنهم يفشلون، في كل عام يفشلون، تستمر هذه الدورات، وتأتي وهي متطورة إلى الأفضل، ونجاحها نحو الأفضل، بحمد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
مميزات الدورات الصيفية، التي أزعجت أعداء هذا البلد، والحاقدين على هذا الشعب، أنها تأتي بدءًا: في إطار توجه شعبنا المنطلق من هويته الإيمانية، وانتمائه الإيماني، وهم يقلقون عندما يكون هناك تربية إيمانية أصيلة، تُربي على الحرية بمفهومها الصحيح، على العزة، على الكرامة، تُربي على الأمل والثقة بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والتوكل على الله “جَلَّ شَأنُهُ”، والاستشعار العالي للمسؤولية، والتوجه العملي الجاد نحو بناء حضارة إسلامية راقية، هذه أمور تزعج الأعداء جدًا، وهذه الميزة ذات أهمية كبيرة لنا جميعًا.
شعبنا العزيز وهو يتجه هذا التوجه، هو يعبِّر عن ثباته وامتداده على مسيرة الإسلام، مسيرة الإسلام التي من أعظم ما قدمته، بدءًا للعرب، ثم للبشرية بشكلٍ عام، قدَّمت نعمة التعليم النافع البنَّاء، الذي يبني الإنسان، ويبني الحياة، ويبني مكارم الأخلاق، ويهيئ المجتمع البشري، للنهوض بمسؤولياته في الاستخلاف في الأرض، على أساسٍ من المبادئ، والقيم، والأخلاق الإلهية، والعظيمة.
العرب، كانوا ما قبل الإسلام، وما قبل بعثة رسول الله محمد “صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ”، كانوا أمة أُمِيَّة، لا يقرؤون، ولا يكتبون، ولا يحسبون، وكانوا كما قال الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم: {وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}[الجمعة: من الآية 2]، في حالة ضياع، وحالة تيه رهيبة جدًا، المفاهيم التي يعتقدونها، ويعتمدون عليها، في نظرتهم الدينية، ونظرتهم إلى الحياة، معظمها خرافات، وجهالات، وتصورات خاطئة، سلوكياتهم: سلوكيات منحرفة، حالة الظلم، الجبروت، الإجرام، حالة سائدة ومنتشرة في أوساطهم، ليس لهم هدف عظيم ومقدس يجتمعون عليه، فكانوا في حالة ضياع بكل ما تعنيه الكلمة، ضياع في كل شيء، فمنَّ الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” عليهم، بأعظم معلمٍ عرفه التاريخ الإنساني، وأعظم كتاب، بأعظم معلم، وبأعظم كتاب.
منَّ الله عليهم برسوله محمد “صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ”، وهو سيد الأنبياء، وخاتم النبيين، وسيد المرسلين، الذي قال عن نفسه بما منحه الله من العلم: ((أَنَا مَدِينَةُ العِلم))، منحه الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: العلم العظيم، العلم الواسع، الهدى العظيم.
ومنَّ الله عليهم، وعلى البشرية جمعاء، ولكنهم في المقدمة، بأعظم كتاب: بالقرآن الكريم، أعظم، وأكبر، وأسمى، وأقدس مصدر للعلم، والمعرفة الصحيحة والنافعة والبناءة.
وبذلك منَّ الله عليهم بنقلةٍ عظيمة، وقفزة هائلة جدًا، من ذلك الواقع، الذي كانوا فيه، في وضعية أمية، بدائية، جاهلية، إلى واقعٍ مختلفٍ تمامًا، إلى مستوى متقدم، وصلوا فيه إلى أن سادوا بقية الأمم، وكانوا- في نهاية المطاف، بعد سنوات محدودة- في صدارة المجتمع البشري، في أخلاقهم، في وعيهم، في معرفتهم، فيما منَّ الله به عليهم وأكرمهم به.
يذكِّر الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” بهذه النعمة، في قوله “جَلَّ شَأنُهُ”: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2) وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3) ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}[الجمعة: 2-4].
فتلك الأمة الأمية، البدائية، الجاهلة، الضائعة، أكرمها الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” مِن علمه، من نوره، من هدايته، وحينما أتى قول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ليرسم لهذه الأمة المنهجية التي ترتبط بها، وتخرج بها من أُميتها وجاهليتها، جاء قول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}[العلق: 1-5]، فأتاها من علم الله، من هداية الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، في كتابه الكريم، وعلى يد نبيه، وخاتم أنبيائه ورسله محمد “صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ”،ما غيَّر واقعها بشكلٍ تام، وانتقل بها انتقالًا تامًا، من واقعٍ، إلى واقعٍ آخر، هذه هي نعمة كبيرة.
فالإسلام بتلك الطريقة: بأعظم معلم، وبأعظم كتاب، وبأعظم هديٍ سار عليه رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ”، وتحرك به في هذه الأمة؛ انتقل بها، وغيَّر واقعها، وأعلى من شأن التعليم.
الإسلام أعلى من شأن التعليم بشكلٍ كبير، التعليم، المعرفة الصحيحة، الهدى الحقيقي، أعلى من شأنه بشكلٍ كبير، رغَّب فيه، حثَّ عليه، أكَّد عليه، جعله في عِداد الفرائض الدينية والالتزامات الإيمانية، جعله أيضًا من مميزات الكمال البشري، ومن ضروريات هذه الحياة، وجعله أيضًا من القُرَب العظيمة إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ولذلك في الحديث النبوي: ((من سلك طريقًا يطلب فيه علمًا، سلك الله به طريقًا إلى الجنة))، ترغيب كبير، وحث كبير جدًا، ويقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}[المجادلة: من الآية 11]، هذه المنزلة العالية عند الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” هي تبين أهمية ذلك، وما يترتب عليه.
ولذلك ندرك أهمية الدورات الصيفية، التي تأتي في إطار التعليم الصحيح، وتقديم المعارف النافعة، التي تجسد مكارم الأخلاق، والتي تُقَدِّم بشكلٍ صحيح مفاهيم الإسلام.
-
في الدورات الصيفية، يحظى الجيل:
-
بترسيخ الهُوية الإيمانية، والانتماء الراسخ، الواعي، المسؤول، لشعبه وأمته.
-
ويحظى بالوعي، يكتسب الوعي:
ونحن في مرحلة، من أهم ما نحتاج إليه، وفي مقدمة ما نحتاج إليه جميعًا (كبارًا وصغارًا، رجالًا ونساءً)، هو الوعي، نحن في مواجهة حرب رهيبة في هذا العصر، يقودها أعداء الإسلام، اليهود والنصارى، أمريكا وإسرائيل، وحلفاؤهم، هجمة رهيبة جدًا، على مستوى التزييف، والإضلال، والإفساد، والتحريف للمفاهيم، والتجهيل للناس بحقيقة الأمور، تقديم صورة مغلوطة عن كل الأشياء، نحتاج إلى الوعي؛ فالجيل يحظى في هذه الدورات بالوعي.
-
ويتربى على مكارم الأخلاق:
لأن منهجية الإسلام، تعتمد بشكلٍ متوازن على: التعليم بالعلم النافع، والتربية، والتزكية، التربية على مكارم الأخلاق، والتزكية للنفوس؛ لأنها عملية بناء للإنسان، وهداية للإنسان، وإصلاح للإنسان، وارتقاء بالإنسان؛ فالجيل يحظى في الدورات الصيفية بالتربية على مكارم الأخلاق، يحظى بالتربية الإيمانية.
-
ويكتسب أيضًا المهارات والقدرات، التي ترفع من مستوى معرفته:
وهذه مسألة مهمة جدًا، يعني: في الدورات الصيفية أنشطة، ترفع من مستوى القدرات الذهنية والمعرفية للطالب، وتسهِّل عليه اكتساب العلم والمعرفة بشكلٍ أفضل، وكذلك الأداء المرتبط بذلك، وهذه مسألة مهمة جدًا، يحتاج إليها الطالب بشكلٍ كبير.
-
ويتثقف بثقافة القرآن الكريم:
من أهم ما تقدمه الدورات الصيفية هو هذا: التثقيف للجيل الناشئ بثقافة القرآن الكريم، التي هي أسمى ثقافة، وأرقى ثقافة، تجعل عنده وعيًا عاليًا، ونظرة صحيحة، واهتمامات كبيرة، وتشده إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” ويستشعر المسؤولية، ويتوجه في هذه الحياة بفاعلية كبيرة جدًا.
-
ويتعلم منها مبادئ الإسلام: