الإفراج عن فيصل رجب.. وخيبة المرتزقة!

بقلم / عبدالرحمن الأهنومي

 

لم تخيب صنعاء أمل وفد مشائخ وقبائل أبين الكرام، فلم يغادر هذا الوفد الكريم العاصمة صنعاء بعد ثلاثة أيام من الضيافة إلا برفقة الأسير اللواء فيصل رجب، الذي جرى تسليمه يوم أمس من قبل اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى إلى الوفد الزائر وبحضور رئيس الوزراء الدكتور عبدالعزيز بن حبتور.
بالقدر ذاته كانت خيبة الأمل كبيرة لدى مرتزقة العدوان الذين رفعوا عقيرة صراخهم وسخطهم من إطلاق فيصل رجب، وقبل ذلك استنفروا سخطا واستشاطوا غضبا من توجه الوفد الأبيني الكريم نحو العاصمة صنعاء، وهو غضب غير مبرر لناحية أن صنعاء هي عاصمة اليمنيين والقيادة في صنعاء تتعامل مع كل اليمنيين باعتبارات الكرامة والاحترام والأواصر الوطنية والاجتماعية، وهذا أشد ما يخيف أولئك المرتزقة الذين انسلخوا عن اليمن وعن شعبه وأهله وأواصره.
لا يخيف المرتزقة ويرعبهم أكثر من موقف يجسر روابط الإخاء والاحترام، فهؤلاء فقدوا كل صلاتهم باليمن وشعبه حين تجندوا للأعداء وصاروا مجرد أدوات رخيصة ضد اليمن ومعاول هدم ودمار.
كان من المثير للضحك والسخرية ونحن نتابع خلال الأيام الماضية إسهال المرتزقة في مهاجمة وفد قبائل أبين الذي توجه إلى صنعاء، ورميهم لهذا الوفد بأقذع العبارات النابية لا لسبب إلا لأنه قصد صنعاء عاصمة كل اليمنيين، ولهدف إنساني نبيل هو طلب الإفراج عن الأسير فيصل رجب، الذي شطب اسمه من كشوفات تبادل الأسرى مرارا وتكرارا من قبل المرتزقة أنفسهم، وهو الذي قاتل معهم وضحى في معركتهم، ووقع أسيرا في أيدي أبطال الجيش واللجان الشعبية وهو في ميدان معركتهم.
في صفقة تبادل الأسرى قام كبار المرتزقة باختيار أبنائهم وذويهم وأقاربهم في كشوفات الإفراج وشطب كل من لا يمت لهم بصلة القرابة من مقاتليهم وقادتهم بما في ذلك اللواء فيصل رجب، وإلى جانب رجب هناك الآلاف من الأسرى المحسوبين عليهم لا يسأل هؤلاء عنهم ولا عن أحوالهم بل لا يعترفون بهم.
قد نتفهم غضب المرتزقة إزاء بقاء الأسير فيصل رجب في سجون الجيش واللجان الشعبية واستثنائه من التبادل رغم خروج رفاقه محمود الصبيحي وناصر هادي، لكن ما ليس مفهوما ولا مستوعبا هو غضبهم وصياحهم ونياحهم إزاء إطلاقه، وغير المفهوم وفقا لطبيعة الأمور وسياقاتها المنطقية، هو مفهوم وفقا لحال هؤلاء المنبوذين وواقعهم التعيس والسيئ، حين تجندوا ضدا على اليمن وعلى شعبها وأهلها وانسلخوا منها وباتوا في الاغتراب يتأبطون الشرور ويكيدون المكائد لليمنيين على اختلاف مناطقهم، ويستبشرون بالعدوات والتمزق والاحتراب البيني، ويموتون كمدا مما يزيل ذلك.
ذلك لأنهم يعيشون ويعتاشون على هذا الدور الخياني المقيت، وخيانتهم ليست فقط خيانة الوطن بالموقف والتجند في صفوف الأعداء، بل وبخيانة من يجتمعون معهم في الموقف ممن كانوا معهم وفي صفوفهم يقاتلون ويقتلون، والحقيقة أن من خان وطنه سيخون قرينه في الموقف الخياني سواء كان أسيرا أو غير ذلك.
حين توجه وفد أبين صوب صنعاء، رأينا هؤلاء المرتزقة وهم بين سباب وشتام ضد كبار أبين، وما بين مراهن على أن يعود الوفد بدون فيصل رجب، ثم لما أفرج عن رجب لم يبلعوا ألسنتهم كما كان يفترض، بل بلعوا قذاراتهم دفعة واحدة، فهذا يقول الحوثي يزايد بالأسرى، وذاك يسأل لماذا لم يطلقوا فيصل رجب منذ ثمانية أعوام، وهذا يتوعد من وفد إلى صنعاء وعاد بفيصل رجب، وكل له لون ورائحة أقبح من الأخرى.
لو كان في هؤلاء خير لكان في فيصل رجب، لكنهم بلا كرامة وبلا قيم ولا خير في من يخون بلاده وأهله.
الأهم من ذلك أن توجيهات قائد الثورة بالإفراج عن الأسير فيصل رجب لاقت ترحيبا وارتياحا لدى عامة أبناء الشعب اليمني، وكرست حقيقة أن اليمن واحدة، وأن عاصمتها صنعاء، وأن القيادة في صنعاء تقدر عاليا كل اليمنيين، وتضع في الاعتبار مطالبها ولو كانت بأثقال الجبال، وأن هذه الخطوة فضحت المرتزقة وعرتهم وكشفت ضعتهم وانحطاطهم، ولهذا انفجروا بالصراخ والسخط كأنهم براميل بارود أشعلت بأعواد النار.