التغيير سنة إلهية ثابتة لكل زمان ومكان ومجتمع، والتغيير يبدأ من النفوس من عند الناس أنفسهم من أعماقهم ومشاعرهم وفي أفعالهم ومواقفهم سواء كان التغيير إيجابياً أو سلبياً، فإذا كانت إرادة الناس سواء بشكل عام أو شعب من الشعوب أو فئة كبيرة من الناس، إذا كانت إرادتهم هي التغيير نحو الأفضل والأحسن ولما فيه الخير والصلاح والعدل والحرية والكرامة يتدخل الله تعالى بقدرته ورحمته التي وسعت كل شيء ليؤيدهم ويعينهم على التغيير إلى الأفضل لما فيه الخير لهم في الدنيا والآخرة قال تعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
والتغيير النفسي يكمن في التوجه إلى الله تعالى والإنابة إليه وطلب العون والتوفيق والهداية والنصر والتمكين منه وحده وعلى أساس ذلك يتحركون ويعملون قال تعالى (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض)، وكذلك الحال إذا كان الناس في حالة خير وصلاح ونعمة وتغيروا هم إلى الأسوأ إلى الفساد والفوضى والاستهتار والعبث، تغيرت نفسياتهم وتوجهاتهم ومنطلقاتهم وأعمالهم ومقاصدهم وصاروا يفضلون الفساد على الصلاح والضلال على الهدى والظلم على العدل سواء بشكل مباشر أو غير مباشر فإن الله تعالى يغير واقعهم إلى الأسوأ، قال تعالى (ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) – وعلى أساس التغيير يترتب حاضر الناس ومستقبلهم في الدنيا وفي الآخرة سواء كان التغيير إيجابياً أو سلبياً، والله تعالى فطر الإنسان على حب الخير والصلاح وليس على حب الشر والفساد ولكن التغيير يتطلب توجهاً شاملاً نفسياً ومعنوياً وعملياً واستعانة بالله تعالى وتوكلاً عليه.
لقد كان الهدف الأساسي والثابت لثورة الحادي والعشرين في سبتمبر التي قام بها الشعب اليمني عام 2014م هو التغيير الجذري والشامل للواقع المعيشي والسياسي والاقتصادي والأمني وفي كل المجالات، التغيير من الأسوأ إلى الأفضل، لأنه لو كان الواقع العام جيداً وخالياً من الفساد لما قامت ثورة من الأساس، ولكن لأن الواقع اليمني العام بكل تفاصيله كان قائما على الفساد والفوضى التي حولت حياة الشعب اليمني إلى جحيم كانت الثورة ضرورة قصوى ولذلك قامت وحين تمكنت من الإطاحة بالفاسدين والعملاء جن جنونهم هم ومن يقف خلفهم ومن يحركهم ويدعمهم من خارج اليمن من أعداء اليمن وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية وأدواتها في المنطقة أمثال النظامين السعودي والإماراتي الذين يريدون أن يبقى اليمن ضعيفا هزيلا يعج بالفوضى والفساد وحين انتصرت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر علموا أن التغيير للأفضل قادم لا محالة فقرروا شن عدوان شامل على اليمن لا يزال مستمرا إلى اليوم منذ اكثر من ثمان سنوات ورغم ذلك صمد الشعب وخاض غمار المعركة في مواجهة العدوان وحقق انتصارات كبيرة بفضل الله تعالى، واليوم بعد أن وصل تحالف العدوان إلى اليأس في هزيمة هذا الشعب حان الوقت لتستكمل الثورة أهدافها وتواصل مشوارها وتعمل على التغيير الجذري من الأسوأ إلى الأفضل في كل المجالات.
هناك الكثير من الأسباب المهمة جداً للتغيير الجذري ومن أبرزها استنقاذ الشعب اليمني من الظروف الصعبة التي فتكت به من قبل ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر وخلال سنوات العدوان التي أوشكت على استكمال عامها التاسع ولا تزال مستمرة والتي وصلت بالواقع اليمني إلى مستوى مؤلم وموجع جداً، كما أن من أهم أسباب التغيير الجذري هو وضع حد للفساد والفوضى التي تسيطر على مؤسسات الدولة والتي لا تزال امتدادا لذلك الواقع الفاسد الذي ضج منه الشعب قبل الثورة وخلالها والتي لا تزال سارية المفعول إلى اليوم من خلال المسؤولين الفاسدين ومن خلال النظم واللوائح والقوانين التي تشرعن للفاسدين الاستمرار في فسادهم.
كما أن من أهم الأسباب التي تحتم على القيادة الشروع في تحقيق التغيير الجذري هي مطالب الشعب في إصلاح الوضع العام على المستوى الاقتصادي والقضائي وفي كل المجالات فهذا الشعب صبر وصمد وعانى وقدم التضحيات وقد حان الوقت ليحصد ثمار صموده وتضحياته وهناك أسباب كثيرة ومهمة وضرورية للتغير الجذري ونستطيع القول أن الأسباب والأهداف مشتركة فالأهداف ستعمل على القضاء على الأسباب ومعالجتها.
تحدث قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي عن التغيير الجذري وأسبابه وأهدافه في كلمته في العيد التاسع لثورة الحادي والعشرين من سبتمبر وكذلك في كلمته خلال تدشين فعاليات ذكرى المولد النبوي وأيضاً في كلمته عشية ذكرى المولد النبوي الشريف، حيث أكد على أن التغيير الجذري للواقع اليمني العام في مؤسسات الدولة ضرورة وطنية وإنسانية ملحة وهدف ثوري ومطلب شعبي محق ومهم يجب أن يتحقق، وفي خطاب المولد النبوي الشريف لقائد الثورة أعلن السيد عن المرحلة الأولى من التغيير الجذري والتي تتمثل في إقالة الحكومة وإصلاح القضاء كمرحلة أولى من التغيير نحو الأفضل والذي يقوم على أساس الشراكة الوطنية ومبدأ الشورى وقبل ذلك من منطلق الهوية الإيمانية التي دستورها القرآن الكريم واعلن يومها الملايين من أبناء الشعب اليمني تفويضهم للسيد القائد، ومعلوم أن التحرك الجماعي لخوض غمار معركة التغيير بصدق ومسؤولية وتحرك جماعي من قبل الشعب سيثمر ثماراً طيبة ويولد من رحمه يمناً جديداً قوياً في كل المجالات خاليا من الفساد والفوضى وقائماً على البناء والتنمية والإنتاج والنزاهة والعدل والخير والرخاء وهذا مرهون بتضافر جهود الجميع وبالاستعانة بالله تعالى.