الإنشغال بعيوب الناس خطأ أخلاقي فادح، والأسوء منه تصيد هذه الأخطاء وتتبعها، وكشفها، والتشهير بها، وتضخيمها، والأسوء من كل هذا هو من يبتكر ويخترع عيوب للآخرين من رأسه، وينسب إليهم ما ليس منهم، ويقولهم ما لم يقولوه، ويتهمهم بما ليس فيهم، وهذه كلها شعب من شعب النفاق، تدل على انحطاط في الأخلاق والقيم والمبادئ.
الذين يعيشون على تصيد الأخطاء والتشهير بها لا يقلون سوءا وجرما عن هذا الصنف، والاسلام جاء ليربي الناس تربية إيمانية تقوم على مكارم الأخلاق التي بعث رسول الله صلوات الله عليه وآله ليتممها، وينشرها في أوساط الناس، ويجسدها قولا وعملا، فالكمال هو كمال الأخلاق والمبادئ والقيم.
كل ما يؤدي لنشر الفرقة والخلاف، ويزرع الأحقاد والضغائن بين المسلمين، وبين المجتمع الواحد، ويدمر العلاقة والأخوة الإيمانية التي تقوم على التكامل، والاحترام المتبادل، هو جريمة خطيرة عقوبتها مضاعفة في هذه المرحلة التي الأمة أحوج ما تكون فيها إلى الكلام الطيب الذي يجمع ولا يفرق، مع فتح باب التناصح الذي يقوم على أساس الأخوة الصادقة والمودة، الكلمة الطيبة التي تؤتي أكلها كلها حين، وتترك أثرها الطيب في النفوس، والتي تزرع بذور الولاء والتعاون، والتراحم والتكافل بين الجميع.
إن الإنسان الذي يعيش ويقتات على حساب كرامة وعفة ونزاهة وأخلاق الآخرين هو تعيس الحظ، سيئ الطباع، يمثل معول هدم للمجتمعات الإسلامية، ويقدم أعظم خدمة لأعداء الإسلام والبشرية، متجرد من كل القيم والمبادئ الإسلامية، وهو أشبه شيء بالذباب التي دائما تعيش على القاذورات، والأوساخ، والقمائم، والجيف والروائح المنتنة، ويكره العطور والزهور والورود، ورحيقها وعبقها الفواح، وصدق الشاعر حين قال:
وشر الورى من بعيب الناس مشتغل
مثل الذباب يراعي موضع العلل