تزدحمُ سخونةُ المنطقة نحو تشكيل جديد للشرق الأوسط، الحربُ عند نقطة مفصلية بينما بدأ التحوّلُ يضع خطواتِه على خارطة المستقبل القريب، دمُ الشهداء سليماني والمهندس، يقرّران مرحلةَ تحول يقول السيّدُ نصر الله وقبله ومثله المسؤولون الإيرانيون.
هنا تتبدّى معركةٌ هي الأشدُّ بعد فترة طويلة من التجاذب السياسيّ والأمني والعسكريّ، الولايات المتحدة أخطأت خطأَ العمر بعد أن استنزفت أوراقَها، في السعودية ملحمة أُخرى مع الخوف، السلطات السعودية تدخل حرباً داخليةً مع تصريحاتها المتشدّدة في السابق، تنعكس الآنَ وسط الاشتداد إلى ارتخاء عريض على رصيف المطالبة بالتهدئة وضبط النفس، تستميت الرياضُ للخروج من الواضع الراهن، ثمة تداعيات لا تتحملها وهي التي لم تتحمل ضربةَ خريص وَبقيق منتصفَ سبتمبر العام الماضي، عندما قرّر اليمنُ إيجاعَ المخزون السعودي، ويهدّد الآن بالوجع الكبير تلك صورة مبسطة مما سيجري في المستقبل.
ألعابُ الغزو الإلكترونية التي جرّبها محمد بن سلمان لإسقاط الجمهورية الإسلامية محظورة من الاستخدام، فالواقعُ لا يتقاربُ مع الصورة المرسومة في ظرف لعبة، التجاربُ حالياً حاسمةٌ وتحتاج منتصرين، لا ينطبق هذا على السعودية فقد تعب الوحل الذي غرقت في جوفه باليمن.
يقارنُ المسؤولون السعوديون كُـلَّ شيء باليمن، بما في ذلك قراءتها للتصريحات المتبادلة عن الشرق الأوسط، معها حقٌّ، فالتجربةُ مضنية والحليف الأمريكي الأشد قُرباً من السعودية يقترف خطأً يُهدّدَ الآن مستقبلَه العسكريَّ في المنطقة، لم يعد كُـلُّ شيء بمكانه الصحيح بالنسبة لقواعد الاشتباك التي كانت موجودةً، لقد تبدلت، تفككت القواعدُ السابقةُ ويجري تركيب قواعد اشتباك جديدة تقرّرها دولُ المنطقة المناهضة للوجود الأمريكي، المحور، ثمة رعب من هذا المصطلح الذي رمز طويلاً لسليماني، قلب الأخير الأمور شهيداً.
الخوفُ يصل الآن واشنطن، إدارة ترمب ووزير خارجيته مايك بمبيو يتنصلان من تهديد ترمب لمناطق ثقافية في إيران، تصريحات ترمب مسجلة في تغريدة على حسابه في تويتر، ليس بوسع المنطق تبديل ذلك، لكنه بوسع الخوف التبرير لترمب، ويمكن تفسيرُ ذلك بالشعور مجدّداً بالورطة، فإيران وحلفاؤها يقولون إن الشرقَ الأوسط يتغيّر، في هذا الشرق لن تجد واشنطن مكاناً آمناً.
هنا حديثٌ عن الجثث للجنود الأمريكيين، وسقوط جدار التفاهمات وسط النيران بعد كسر الخطوط الحمراء العريضة، عليكم أن تتخيّلوا شرقاً بدون أمريكا.