تنومة وغيرها .. متى وقت القصاص
|| مقالات ||
عبدالملك سام:
كم كان مقدار دهشتي عندما سمعت قصة مذبحة تنومة التي راح ضحيتها أكثر من 3000 حاج يمني ، ولا أخفي عليكم أنني في بداية الأمر اعتقدت أن الأمر فيه مبالغة خاصة أنها لم تظهر إلا بعد العدوان السعودي الأمريكي على اليمن ، ولكن بعد عملية البحث وسؤال والدي – رحمه الله – اكتشفت أن الأمر حدث فعلا ، فلماذا تم إخفاء القصة ، ولمصلحة من ؟! ألا تعتبر جريمة إخفاء القصة جريمة أخرى لا تقل بشاعة عن جريمة القتل نفسها ؟!
في عالم آخر تكون هذه الجريمة كافية لإقامة الدنيا فلا تقعد إلا بعد أخذ الثأر لهؤلاء المساكين الذين قتلوا بلا ذنب ، وربما لدى شعوب أخرى تكون هذه الجريمة غير قابلة للمساومة إلا عندما ينال المجرمون عقابهم ! لكن المصيبة أن التواطؤ كان مشتركا بداية من نظام الحكم العميل وانتهاء بالنخبة المثقفة والأكاديميين ، والعجيب مدى السكوت والخوف الذي دفع بالناس لعدم الحديث عن الجريمة وكأننا نحن من أقترفها ونخاف العقاب !
اليوم ما يحدث من صحوة شعبية لمناقشة هذا الموضوع وأمور أخرى هو الصحيح ، ولكن تبقى مشكلة الثقافة السلبية التي انتشرت بين الناس لعقود وتجعلهم ساكتين عن حقوق لا ينبغي السكوت تجاهها .. فنظام العمالة البائد قد عمل على قتل الشعور الوطني في قلوب الناس ، وهذا ما أدى مع مرور الوقت لتناسي جرائم آل سعود بحق اليمن وسرقة الأرض والتاريخ والمتاجرة بمصير اليمنيين ، ومؤخرا الاعتداء على الشعب بجرأة باعتبار أن صمت الناس يعطيهم هذا الحق ، فقتلوا وأجرموا وحاصروا واحتلوا ، حتى أنهم باتوا يتحدثون عن كل ما يفعلوه بشعبنا كحق من حقوقهم ! وهو أمر لو حدث في أي بلد آخر ما كان ليتم التعامل معه بهذا الشكل أبدا..
اليوم قضية تنومة وغيرها لا بد أن يتصرف الناس نحوها بجدية وتفاعل حتى عودة الحقوق ، ونحن نتحدث عن ثلاثة آلاف حاج أي تقريبا ثلاثة آلاف أسرة ، وهذا الرقم يؤكد أن الموضوع لا يوجد فيه خطأ .. كما يجب أن نتكلم عن أراضينا المغتصبة ، وعن ثرواتنا المنهوبة ، وعن جرائم العدوان بحق الشعب وسيادة البلد ، وصمتنا نحن يعطي العالم الخارجي عذرا للصمت والتواطؤ، وبالتالي ضياع دماء اليمنيين التي سفكت في الماضي ، وضياع أي دماء أخرى تسفك حاضرا ومستقبلا!
يجب أن يتم تشكيل جماعات ضغط لدى المحاكم المحلية والدولية ، وأن يقوم الجميع بما يستطيعون ابتداء من جمع الأدلة وتكوين فريق يتكون من مجموعة من الأكاديميين والمحامين والمنظمات لإحياء مثل هذه القضايا ، وإذا لم تحقق هذه الجهود أي نتيجة حاليا فأنا أؤكد لكم أنه سيأتي الوقت الذي نستطيع فيه الوصول إلى نتيجة تحقق العدالة ويدفع المجرمون ثمن جرائمهم ، فما ضاع حق وراءه مطالب ، وهذه دماء يمنية غالية ، ولن يكون الدم اليمني أرخص من دماء الآخرين .