بعد 75 عاما على إنشائها.. سقوط في اليمن أبعد من الفضائح التي إعترت تدخلاتها في مناطق عدة بالعالم
يواصل زعماء العالم القاء كلماتهم في الدورة ال75 للجمعية العمومية للأمم المتحدة التي انطلقت الثلاثاء الماضي . وتعقد الجمعية العامة للامم المتحدة دورتها اليوبيلية وسط ظروف استثنائية فرضها تفشي فيروس كورونا، ما دفع العديد من زعماء العالم إلى عدم الحضور والاكتفاء بتسجيل خطبهم لبثها عبر شاشة قاعة الجمعية العامة. احتفال الأمم المتحدة بالذكرى السنوية الخامسة والسبعين لإنشائها يأتي في وقت يشهد فيه العالم اضطرابا كبيرا ، ليس على صعيد ازماته فحسب ، وانما نتيجة فشل كبير تعاني منه المنظومة الأممية التي جرى انشاؤها لتكون ملجئا للبشرية عندما تستعصي الحلول الثنائية او الإقليمية .
خلال العقود الاخيرة لم تنجح الأمم المتحدة في حل مشكلة سياسية بعينها، وكان وجودها مدعاة لاستمرار الأزمة الناشبة وديمومتها، وغالبا ما أتت الحلول من الدول الكبرى واستخدمت الأمم المتحدة لاصباغ شرعية على الاتفاق .
وخلال قضايا دولية عدة اعترى تواجد الأمم المتحدة فضائح ليس اقلها جنسية كما حدث في البوسنة والهرسك واتجار موظفين ومسئولين امميين بالرقيق الابيض ، وفي هاييتي احدى دول الكاريبي اعترفت الأمم المتحدة بعد عشرين عاما من المقاضاة والتسويف بانها تدخلت في النزاع السياسي لصالح احد الأطراف وتورط جنود حفظ السلام التابعين لها بنشر الكوليرا لتحقيق هدف سياسي ، ونجم عنه وفاة واصابة مايزيد عن 800 الف هاييتي بالكوليرا ، وفي العراق فان برنامج النفط مقابل الغذاء الذي ادارته الأمم المتحدة شكل اكبر عملية فساد واثراء غير مشروع في التاريخ الحديث ، وهذه القضايا موثقة بالأدلة وفي أفلام وثائقية تناولتها وسائل الاعلام الدولية .
وبالانتقال الى اليمن الكارثة الإنسانية الأكبر عالميا والتي لاتزال فصولها مستمرة وتتعاظم، فالفضائح الأممية لا تتوقف عند فضائح سرقة أموال المساعدات الدولية من غذاء ودواء عبر إيصال الاف الاطنان من المواد الغذائية والأدوية المنتهية الصلاحية او غير ذات جدوى لخفض وقع الازمة الإنسانية كتوفير الواقيات الذكرية بدلا عن ادوية الكلى والسكر والامراض المتعددة .
في الازمة اليمنية انخرطت الأمم المتحدة سياسيا لتكون جزءا من الحرب وتخلت عن دورها كوسيط سياسي يعمل على ابتكار الحلول وتقريب الأطراف، ودورها الانساني .
استغلت الأمم المتحدة في اليمن الثقة التي كانت لاتزال قائمة بها لتمكين طرف التحالف السعودي الأمريكي من تعميق الازمة الاقتصادية والإنسانية في هذا البلد وقضية الاموال المطبوعة في روسيا ونقل البنك المركزي لايزال يكتوي بنار التورط الاممي فيها ملايين اليمنيين الذين يشكون الفاقة وانقطاع الرواتب.
لقد فقدت الأمم المتحدة في اليمن اهم ماابقى عليه امناؤها لعامون لعقود، فأسقطت في ظرف اربع سنوات السعودية مرتين من قائمة قاتلي الأطفال ، مقابل استمرار تدفق الأموال على المنظمة وعلى جيوب مسئوليها كما يعتقد متابعون انطلاقا من خلفيات فضائح فساد كبرى كشف النقاب عنها في تدخلات اممية كالعراق ودول اخرى.
الازمة اليمنية ودور الأمم المتحدة المشين فيها كان له صداه الكبير في اعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وكلمات الدول التي تطالب بتغير الية عمل الأمم المتحدة وتحريرها من هيمنة دول بعينها كالولايات المتحدة الامريكية التي اتخذتها غطاءا لشرعنة افعالها اللاقانونية في العالم ، وشكلت بتصرفاتها تلك احدم اهم مسببات الفشل الاممي .
الأصوات التي تطالب بإنشاء نظام جديد تدار من خلاله الأمم المتحدة ويوجد العدل بين الدول الممثلة امميا او في مجلس الامن ، او حتى تلك الأصوات التي تعلو كل يوم بإصلاح الأمم المتحدة او استبدالها بهيئة دولية مستقلة عن هيمنة دول بعينها ترتفع في الذكرى الـ 75 لإنشاء الأمم المتحدة ، وبينها دول وازنة على الساحة الدولية كالصين وروسيا وايران ودول في امريكا الجنوبية وافريقيا باتت ترفع هذا المطلب ، وحتى صنعاء الطرف الأصيل والممثل لشعبه في الازمة اليمنية الاكبر عالميا ، دعا رئيس وفدها التفاوضي محمد عبدالسلام في وقت سابق الى اصلاح المنظومة الأممية التي اثبتت فشلها في معالجة الازمة الإنسانية بل وخسرت سمعتها كحامية وراعية للقانون الدولي ، واستبعد عبد السلام ان الحل السياسي سيأتي عبر الأمم المتحدة وهو راي تتشاركه معه كثير من الدول في عدد من النقاط الساخنة في العالم.
الوضع اليمني كمأساة عالمية كبرى وحرب تدور رحاها منذ مايزيد عن الفي يوم دون ان تنجح الأمم المتحد في اخماد لهيبها ، بل تحولت جزءا من النار المشتعلة بانحيازها الى التحالف السعودي الأمريكي نظير الأموال ، يمثل اليوم رافعة كبيرة لهذه الأصوات والمطالبات الدولية بخلق منظومة عالمية جديدة لإطفاء الحرائق في العالم ومنع تفاقمها .
تعدد استخدام الفيتو في مجلس الامن والنزاعات الجلية بداخل المنظمة الدولية وعجز الأمم المتحدة عن حل كثير من المشكلات العالمية التي يمكن ان تؤدي في النهاية الى حرب عالمية ثالثة ، نذرها تظهر في المحيط الهندي والهادئ وفي باب المندب بين الصين وروسيا وايران ، يظهر ان المنظمة الأممية التي وجدت قبل 75 عاما قد شاخت ، وهي في عيدها الـ 75 شاخت واضحت مشلولة ومرتهنة لإرادة الدول الكبرى ، وعاجزة عن حل المشكلات الدولية وضمان الامن الدولي ، وغدت فقط مجرد شاهد يشرعن للدول الكبرى التهام الدول الصغرى على غرار ما حدث في العراق وليبيا ، قبل ان تسقط في اليمن وتضع القانون الدولي وألياتها الحمائية جانبا وتتحول الى سلاح بيد تحالف يملك المال وبوجه شعب تقول عنه انه يعاني كما لم يعاني شعب اخر مثله .