في الذكرى 59 لثورة 26 من سبتمبر ,, الرئيس المشاط يرحب بأي جهود صادقة لتحقيق السلام ورفع الحصار وإنهاء العدوان
أعلن رئيس المجلس السياسي الأعلى المشير الركن مهدي المشاط الاستعداد التام والمستمر لوقف كل أشكال عملياتنا الدفاعية فور توقف كل أشكال العدوان.
الرئيس مهدي المشاط وفي كلمة له ، اليوم السبت، في الذكرى التاسعة والخمسين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر، جدد التأكيد على موقفنا الثابت والراسخ في مواصلة الدفاع عن بلدنا وشعبنا.
وقال الرئيس المشاط: نرفض رفضا قاطعا كل ضغط وكل تضليل وكل إجراء يهدف الى الانتقاص من حق الشعب اليمني في الدفاع عن نفسه وعن حريته واستقلاله.. مؤكدا ترحيبه بأي جهود صادقة وضامنة لتحقيق السلام ورفع الحصار وإنهاء العدوان والاحتلال ومعالجة آثار الحرب وتحفظ لبلدنا سيادته واستقلاله.
ورحب الرئيس المشاط بالجهود التي تضمن مصالح بلادنا وعلى أساس أيضا من التزامنا بضمان معالجة مخاوف الجوار وضمان مصالحه المشروعة مع بلدنا.
وجدد الدعوة لكل المنحرفين عن طريق الحرية والاستقلال لمراجعة حساباتهم والعودة إلى جادة الصواب.. مضيفا ” صدورنا مفتوحة وواسعة بسعة هذا الوطن الذي يتسع للجميع وليس لنا من شروط سوى الإيمان بحرية واستقلال هذا البلد والعمل من أجل تحرير أرضه وعزة شعبه”.
وفيما يتعلق بالمناسبة ، أوضح الرئيس المشاط أن احتفاءنا وتعاطينا مع هذا اليوم من تاريخنا اليمني الكبير يجب أن يكون مختلفا تماما عن كل الأنماط التي دأب عليها النظام البائد، والتي مع الأسف الشديد أحالت مثل هذه الذكرى إلى مناسبات موسمية للتضليل، وحفلات الشتائم، وتصدير الضجيج الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، والعكوف فقط على تضخيم الذات الفارغة، وكأنه قد خرق الأرض أو بلغ الجبال طولا.
مبيناً انه يجب يجب أن ننفذ دائما وأبدا إلى ما تحت السطح لننتزع ما يحتاجه هذا الوطن الجريح من معالجات تساعده في التصحيح والبناء. مشيراً إلى أنه مرّ على هذه الثورة قرابة الستين عاماً، غير أننا وفي كل ذكرى ومناسبة لم نحاول يوما أن نسأل لماذا بقيت بلد السادس والعشرين من سبتمبر تراوح مكانها ضمن قوائم الدول والبلدان الأكثر فقرا وفسادا؟ وفي المقابل لم نسأل أيضا: لماذا رأينا البلدان الأخرى تتقدم إلى الأفضل؟ لماذا وجدنا الصين مثلا تنهض كمارد عملاق وتتحول من بلد كان الناس فيها يضطرون أحيانا لأكل لحوم الموتى – لشدة فقرها وجوعها وعوزها – إلى بلد هي اليوم القوة الاقتصادية الأولى والمرشحة غدا لإحراز المركز الأول عالميا في جميع المجالات، وكل ذلك في أقل من أربعين عاما فقط، ولم نسأل أيضا: لماذا وكيف تحولت بلد مثل ماليزيا وفي ظرف عشرين عاما فقط من بلد كانت تسمى ذات يوم بلد الملاريا إلى بلد يشار إليها اليوم كواحدة من كبار النمور الآسيوية؟
وأضاف: إن الأجوبة الصحيحة على مثل هذه الأسئلة تكمن في حقيقة واحدة مفادها أن هذه البلدان اعتزت بنفسها، وتمسكت بقرارها، وامتلكت أنظمة تقدس أوطانها وشعوبها، وقادة رجالاً لا يبيعون أوطانهم على الرصيف، ولا يحولون بلدانهم إلى حدائق خلفية لأحد، ولم يرهنوا قرارهم الوطني لقاء ثمن بخس، ولم يغرقوا في وحل الفساد ونهب المقدرات، وتحويلها إلى مدن سكنية، وشركات وأرصدة بنكية في الخارج، ولم يصفقوا يوما لحصار بلدهم، وقصف شعبهم، واحتلال أرضهم، كما هو حال المرتزقة اليمنيين اليوم.
مبيناً أنه سبق السادس والعشرين من سبتمبر ظروف وإرهاصات وعوامل أعلنت على أساسها الأهداف الرامية إلى تحقيق التغيير والتطوير، وكان يمكننا وفق الآمال والتوجّهات الخيرة أن نرى يمناً عزيزاً وقوياً مثله مثل أي بلد آخر لو لم يتعرّض هذا اليوم التاريخي -مع الأسف- لطعنات غادرة من قِبل أبناء غير بررة، أهدروا قرار البلاد واستقلالها، وما دروا أنهم بذلك أهدروا كل فرص البناء على مدى كل هذا العمر الطويل.
ونوه رئيس المجلس السياسي الأعلى أن دروس تاريخ النضالات الإنسانية تقول لنا اليوم وبكل وضوح بأن الطريق إلى بناء البلدان يبدأ دائما وأبدا بامتلاك القرار الحر والمستقل، وبامتلاك الشجاعة الكافية للمراجعة والتصحيح، وفي ذلك وحده المبدأ الذي يمكننا من خلاله أن نعيد الاعتبار لكل نضالات شعبنا عبر جميع محطاته التاريخية ، وهنا فقط يصبح التاريخ ملهما كله ومفيدا كله، بحلوه ومره وبنجاحاته وإخفاقاته، ولذلك يمكننا اليوم أن نقول بأن لكل تلك الأخطاء، التي اكتنفت تجربة السادس والعشرين من سبتمبر، الفضل الكبير في رفد ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر المجيد بحاجتها من الوعي واستيعاب الدروس، وما هي عليه اليوم من إرادة وقدرة على ضبط وتصويب المسارات، مثلما أن للأخيرة فضلاً فيما تعيده اليوم من اعتبار للأهداف العلنية في السادس والعشرين من سبتمبر، وغيرها من مواقف شعبنا اليمني العزيز التي تعرّضت للاختراقات المبكرة، وهكذا ينبغي أن نتعامل مع تاريخنا المجيد وأن ننظر إليه دائما وأبدا كمستودع لتجارب ونضالات اجترحها شعبنا الواحد في القديم والحديث (منذ فجر التاريخ اليمني ومرورا بما قبل وبعد سبتمبر الأمس وسبتمبر اليوم)، وبهذا فقط تتواصل الجسور، وتتلاقح التجارب، وتصحح بعضها بعضا، وبهذا فقط تتراكم لدى الأجيال القدرة على مواصلة المشوار بأقل قدر من الخطأ، وأكبر قدر من الصواب، فلا حاضر بدون ماضٍ، ولا مستقبل من دون حاضر، وفي كل مرحلة لا شك خطأ وصواب، على أن أسوأ الأخطاء وأكثرها هدماَ وظلامية على الإطلاق هو رهن القرار والتبعية للخارج، مثلما أن أعظم الصواب وأنفعه للبلاد والعباد هو حرية واستقلال القرار الوطني، وهذا باختصار شديد هو الدرس الكبير الذي يجب ترسيخه في نفوسنا، وتوريثه لأجيالنا كي نضمن العبور إلى يمن عزيز يزدهر فيه معنى الحياة الكريمة، وتختفي منه معاناتنا وهواننا على العالمين، وتلك غاية نبيلة تستحق ولا ريب أن ندفع من أجلها ما ندفعه اليوم من ثمن كبير وباهظ.