الكل يعرف ماذا فعلت الحرب العدوانية السعودية التي تقودها أمريكا وتشرف عليها ضد الشعب اليمني ، وكم قتلت وماذا دمرت, والجميع يعرف فظائعها وأهوالها ومذابحها ، ويعرف الثمن أيضا الذي دفعته السعودية من أموال وقتلى وخسائر كبرى ، ويعرف أيضا أن الحرب على اليمن هي حرب أمريكية صهيونية بريطانية بامتياز ، وأن السعودية فيها مجرد أداة حقيرة تؤدي دوراً وظائفياً لصالح الأعداء ليس إلا ، وأن السعودية خسرت من وراء الحرب الكثير جداً ، ولم تربح شيئاً واحداً بينما ربحت أمريكا وبريطانيا وإسرائيل مليارات الدولارات وربحت أيضا أن حربها خاضتها السعودية بالوكالة ، وحصلت بالإضافة على أموال تصل إلى تريليونات الدولارات دفعتها السعودية نفسها.
والكل يعرف أن لا مصلحة باقية للنظام السعودي في استمرار الحرب ، وأن استمرارها هي مصلحة أمريكية بحتة إذ تدر عليها ملايين الدولارات ، وقد كان آخرها 650 مليون دولار قيمة صفقة أسلحة أمريكية ، ولكن العقل السعودي يرفض التعاطي مع هذه الحقائق جملة وتفصيلاً ويركب على نفسه ويواصل الحرب.
والكل يعرف أيضا بأن السعودية تتعرض لضربات يمنية قوية تصيبها في مقتل رداً على عدوانها وحصارها ، وأن استمرار حربها سيرتد عليها في شكل ضربات نوعية واستراتيجية ، فيما تقف أمريكا عاجزة عن حمايتها وتدعها مكشوفة أمام الضربات والهجمات والعمليات الكبرى ، ومع ذلك تستمر في الحرب خدمة لأمريكا ونزولا عند رغبتها.
لكن يبدو أن العقل السعودي قد تم اغتصابه من قبل الأمريكيين ، فتم تسخيره لشن العدوان والحروب على الشعوب التي ترفض الخنوع وتأبى الاستسلام ، وبقدر ما هو حاقد وخبيث يكون صبيانياً حين يفكر أنه بمزيد من الغرق والتورط في التصعيد على اليمن يوفر لنفسه النجاة ، وأنه سيحقق في لحظته ما لم يحققه خلال سبعة أعوام.
حينما أتحدث عن الاغتصاب الأمريكي للعقل السعودي أنطلق من الحقائق أعلاه ، وبالفعل ما نراه على الواقع يؤكد أن النظام السعودي بعقل مُغتصَب من قبل الأمريكيين فهو لا يؤدي دور الحليف لحليفه ، ولا الصديق لصديقه ، ولا الوكيل لأصيله ، بل يطوّع بشكل قسري ويُساق إلى ما لا يخدمه ولما يخدم أمريكا حتى ولو كان في ذلك مضار ومخاطر تعترضه.
على هذا الأساس فإن النظام السعودي مُغتصَب يستمر في العدوان على اليمن ويرفض السلام ، لا بل يفخخ أي مساعٍ مثمرة لا تحقق السلام فحسب ، بل توفر له مخارج من الورطة التي وقع فيها من العدوان على اليمن ، وتجده بمرور الزمن يتورط أكثر وبمروره تصبح المخارج أمامه عسيرة وضيقة ، ورغم أنه يستمر مولدا سلسلة من التطورات لغير صالحه في مسار الحرب بما يعاظم الخطورة عليه ، إلا أنه يستمر ويصر على الاستمرار!
تتعامل السعودية مع كل من يرفض الخنوع لأمريكا ويتصدى لسياساتها كأعداء لها بطبيعة موقفه بغض النظر عن نظرته للسعودية نفسها ، وترى في كل شعار وموقف يعادي اليهود خطراً عليها وصيحةً تهددها كذلك حتى لو لم يكن صاحب هذا الموقف حاملاً أي ضغينة على السعودية.
أمريكا تشعل الحرب وترفض السلام في اليمن لأنها تتعامل مع البشرية كلها ليس على أساس المصالح والمنافع المتبادلة والاستقرار والعيش في سلام ، بل تسعى بكل قوة وغطرسة إلى فرض رؤيتها وأجنداتها العدائية للجميع وبأي ثمن إذا كانت الأثمان يدفعها الآخرون ، لكنها تشعر بالخطر إذا ما دفعت الثمن من دماء جنودها وأموالها ، ولهذا تجد نفسها في حل من الأمر بخصوص الحرب على اليمن التي تمولها السعودية والإمارات.
ما تفعله أمريكا يحتم المواجهة والرد بقوة وعنف وبما يجعلها مهددة بالفعل ، وبما يجعلها تعرف أنها أحقر من أن تسلب الملايين من الأحرار في جنوب الجزيرة العربية قرارهم ، حتى لو سخرت كل المنحطين والمرتزقة والمجندين وألوف المليارات السعودية والإماراتية في سبيل تحقيق ذلك..ويجب أن تعرف أمريكا بأن فرض الإملاءات والسياسات على الشعب اليمني بات مستحيلاً.
رسائل الشعب اليمني اليوم حديد ونار ومسيّرات وصواريخ ويجب ألّا يستهان بها على الإطلاق ، وعلى أمريكا أن تعي بأن شعوب العالم لن تبقى إلى ما لا نهاية صامتة على إرهابها وعلى جرائمها ومذابحها.
وعلى السعودية أن تعرف بأن الحساب لا يتأخر ، فما إن صعّدت حتى جاء الرد أشمل وأوسع ، وكما يقال في المثل «ثأر اليمني ما يبات» ، أي أن اليمني لا يبيت ليلة إلّا وقد أخذ بثأره ممن ألحق به الضرر.