كشفت القواتُ المسلحة عن تفاصيل عملية “فجر الصحراء” العسكرية الواسعة التي تكلَّلت بتحرير منطقة “اليتمة” ومحيطها في محافظة الجوف، بمساحة 1300 كيلو متر مربع، والتي تضاف إلى رصيد ملاحم الدفاع عن سيادة واستقلال البلد، لا سِـيَّـما وأن المنطقة كانت محطَّ أطماع النظام السعوديّ منذ ما قبل العدوان على اليمن.
وأوضح ناطقُ القوات المسلحة، العميد يحيى سريع، في إيجاز صحفي نهاية الأسبوع الفائت، أن العملية جاءت بعد وضع خطة دقيقة وتحديد للمهام العملانية وإعداد متكامل وتنسيق بين مختلف الوحدات القتالية للجيش واللجان الشعبيّة.
وأشَارَ إلى أن وحداتِ الجيش واللجان نجحت خلال الساعات الأولى في إرباك العدوّ الذي لجأ إلى الدفع بالمزيدِ من المرتزِقة إلى الخطوط الأمامية ليقعوا فريسة لنيران الجيش واللجان الشعبيّة.
وكشف متحدثُ القوات المسلحة أن طيرانَ العدوان الأمريكي السعوديّ شن أكثر من 60 غارةً لإسناد المرتزِقة، لكنه لم يفلح في إعاقة تقدم المجاهدين.
وأوضح سريع أن الخسائرَ البشرية في صفوف مرتزِقة العدوان بلغت خلال العملية، 35 قتيلاً، و37 جريحاً، بالإضافة إلى أسر 45 مرتزِقاً، فيما بلغت الخسائرُ المادية 15 آلية ومدرعةً تم تدميرها وإعطابها، إلى جانب كميات كبيرة من الأسلحة المتوسطة والخفيفة التي اغتنمها المجاهدون.
وعرض الإعلامُ الحربي، مشاهدَ مصوَّرةً وثَّقت جانباً من مجريات العملية الواسعة، بما في ذلك الضربات المسددة التي وجهتها قوات الجيش واللجان الشعبيّة على مواقع وتحصينات وتجمعات وآليات المرتزِقة، كما وثقت لحظات فرارهم بشكل جماعي من أرض المعركة، والتعامل الإنساني الأخلاقي مع أسراهم ومصابيهم، والذي يقابله العدوُّ دائماً بجرائمَ وحشية جبانة بحق أسرى الجيش واللجان الشعبيّة.
ووثقت عدسةُ الإعلام الحربي أَيْـضاً الترحيبَ الكبيرَ الذي حظي به المجاهدون من قبل أبناء المنطقة والذي يؤكّـد تزايُدَ حجم الالتفاف الشعبي حول قوات الجيش واللجان في معركة التحرير الشاملة.
وعرضت المشاهدُ جانباً من العتاد العسكري المتنوع الذي اغتنمه أبطالُ الجيش واللجان الشعبيّة والذي تضمن أعداداً من الأطقم العسكرية والمدرعات التي خلفها العدوّ وراءه وكميات كبيرة من الذخائر والأسلحة المتوسطة والخفيفة، والتي تؤكّـد على أنه كان يستخدم تلك المنطقة كقاعدة عسكرية لقواته.
ومرة أُخرى، برزت شعاراتُ ما يسمى “مركز سلمان الإغاثي” داخل مخازن العتاد العسكري، في دليلٍ إضافي يضافُ إلى قائمة طويلة من الأدلة التي تؤكّـدُ بشكل قاطع أن تحالفَ العدوان يستخدمُ “العملَ الإنساني والإغاثي” كغطاء لممارسة النشاط العسكري، وتقديم الدعم لقواته ومرتزِقته في الميدان.
كما تضمنت المشاهد تصويرًا جويًّا بعدسة سلاح الجو المسيَّر، لبعض المناطق التي تم تحريرها ومنها سوق اليتمة على الخط الدولي.
وكشف العميد يحيى سريع أن وحداتِ الدفاع الجوي والقوة الصاروخية وسلاح الجو المسيَّر شاركت في العملية بعمليات نوعية أسهمت في حسم المعركة في وقت قياسي وكبدت العدوّ خسائر فادحة.
وأوضح أن القوة الصاروخية وسلاح الجو المسيَّر نفّذا عدةَ عمليات قصفت مواقعَ وأهدافاً عسكرية للعدو داخل وخارج البلد، فيما تمكّنت وحداتُ الدفاع الجوي من إسقاط طائرة أمريكية الصنع من نوع “سكان إيغل”.
ويمثل ذلك تأكيداً إضافياً على استمرار وتصاعد تطور قدرات الجيش واللجان الشعبيّة بالشكل الذي يواكب متطلبات المعركة على أكثر من محور في وقتٍ واحدٍ.
تحوُلٌّ تأريخي على طريق الاستقلال
القواتُ المسلحة أشادت بالمشاركة الفاعلة لقبائل وأحرار محافظة الجوف في تحرير منطقة اليتمة، في إطار معركة التحرّر الشاملة، مؤكّـدة أنهم يرفُضون بقاءَ مناطقهم تحت الاحتلال الأجنبي.
وفي هذا السياق، فَـإنَّ عملية “فجر الصحراء” تمثل صفعةً تأريخيةً للعدو السعوديّ بشكل خاص؛ نظراً لأطماعه القديمة في منطقة اليتمة، والتي بلغت إلى حَــدّ أنه جعلها “محرَّمة” على الدولة اليمنية منذ ما قبل العدوان؛ بسَببِ مخزونها النفطي الكبير الذي ما زال غيرَ مستغَلٍّ، وَأَيْـضاً لموقعها الاستراتيجي على الطريق الدولي المؤدي إلى منفذ الخضراء السعوديّ شمالا.
وأكّـد ناطقُ القوات المسلحة أن سيطرةَ النظام السعوديّة على الجوف وعلى منطقة “اليتمة” بلغت إلى حَــدِّ منع مواطنيها من حفر آبار الماء والاستفادة من المياهِ الجوفية.
وأعلن أن القوات المسلحة تمتلك وثائقَ ستُكشَفُ عنها لاحقاً، تؤكّـد تدخُّلَ النظام السعوديّ لمنع اليمنيين من حفر آبار النفط والمياه هناك.
وكانت العديدُ من التقارير قد كشفت منذ ما قبل العدوان أن النظام السعوديّ منع اليمنَ من الاستفادة من المخزون النفطي الكبير الذي تم اكتشافه في “اليتمة” والمناطق الحدودية لمحافظة الجوف، إلى حَــدِّ أنه أغلق الآبارَ ووضع عليها أختاماً سعوديّة في ظل تواطؤ أنظمة الفساد والارتهان التي حكمت البلاد قبل ثورة 21 سبتمبر.
وبالتالي، فَـإنَّ تحرير “اليتمة” يُسجَّلُ اليومَ كتحول تأريخي هام وبارزٍ على طريق التحرّر من الوصاية الأجنبية، والسعوديّة بشكل خاص، على القرار السيادي اليمني وعلى ثروات ومقدرات البلد، وهو الطريقُ ذاتُه التي تسيرُ عليه بقيةُ العمليات العسكرية التي تنفذها قواتُ الجيش واللجان الشعبيّة منذ أكثرَ من سبع سنوات.
ويتضاعفُ حجمُ الأهميّة الاستراتيجية والسيادية لمنطقة “اليتمة” ومحيطها؛ نظراً لموقعها الحَسَّاس في خارطة المعركة الراهنة؛ كونها توسع وتعزز المساراتِ الهجوميةَ للجيش واللجان الشعبيّة باتّجاه محور نجران، وَأَيْـضاً باتّجاه مأرب، الأمر الذي يجعلُ “فجرَ الصحراء” ضربةً استراتيجيةً كبرى، ومكسبًا عسكريًّا كَبيراً وفوريًّا، يضاعفُ فرصَ صنعاء في تنفيذ عمليات عسكرية أكبر وأوسع تأثيراً سواء في إطار استراتيجيات تحرير الأرض، أَو في إطار استراتيجيات ردع العدوان ومضاعفة الضغط العسكري الميداني عليه.
مهامٌّ “استثنائيةٌ” قادمةٌ رداً على التصعيد
ناطقُ القوات المسلحة جدّد أَيْـضاً توجيهَ رسائل الإنذار والوعيد لتحالف العدوان الأمريكي السعوديّ بشأن تصعيده الإجرامي المُستمرّ، والذي شن فيه أكثرَ من 500 غارة على العاصمة صنعاء وبعض المحافظات خلال الأسبوعين الماضيين فقط، بحسب ما أعلن العميد يحيى سريع.
وَأَضَـافَ سريع أن: “تصعيد العدوان المُستمرّ يفرضُ على قواتنا واجباتٍ ومهاماً استثنائية للرد على الجرائم المرتكبة” في تلويح صريح بعمليات قاسية، ستطالُ تحالُفَ العدوان.
وجَدَّدَ ناطقُ القوات المسلحة التأكيدَ على أن القوات المسلحة “لديها خياراتُ الرد المناسب على هذا التصعيد الذي ستكون نتيجته الفشل”.
وتابع أن “العدوانَ لن يكسرَ عزيمةَ اليمنيين أَو ينال من إرادتهم وحربه النفسية لم ولن تؤثرَ على معنويات الشعب اليمني الصامد”.