هذه الضربةُ انتظرها الشعبُ اليمنيُّ كَثيراً؛ نظراً إلى استمرارِ الإمارات في التخفِّي خلفَ ستار الانسحاب المعلَن أكثرَ من مرة، ويبدو أن القيادةَ كانت تتعامَلُ مع الدعاية الإماراتية بنوع من فتح المجال للإمارات للخروج من اليمن بماء الوجه، لكن الغزاةَ كعادتِهم لا ينظرون إلى مثل هذه الفرص إلَّا على أنها ضعف، وعندما عادت الإماراتُ لممارسةِ عدوانِها علناً وإرسال مرتزِقتها ودواعشها إلى شبوة، جاءها التحذيرُ من القوات المسلحة، إلَّا أنها أصمَّت آذانَها، اليوم وصلها الخبرُ اليقين، بضربات جوية، أَدَّت إلى اشتعالِ الحرائق في إحدى المنشآت النفطية، وفي مطارِ أبو ظبي.
هذه ليست مُجَـرّد رسالة، بل هي تنفيذ للوعيد والتحذير اليمني، بأن من يمد يده للعدوان على اليمن، لن يقابَلَ إلَّا بما يقطعُ يدَه ويدَ مَن خلفه، كما أشار إلى ذلك رئيس الوفد الوطني، محمد عبدالسلام، وإن كانت تحمل من رسالة فهي رسالة السلام، الذي لا يمكن أن يكون موجوداً إلَّا إذَا نال اليمنيون حقهم فيه، وكف المعتدون عدوانهم، وتركوا للشعب اليمني حريته واحترموا استقلاله وسيادته، هذه الضربة الأولى في مرحلة التصعيد الإماراتية، وبالتأكيد الإمارات لا تتحمل المزيد منها، حتى لحظةِ كتابة هذه المقالة، كان مطار أبوظبي يظهر في مواقع الرصد الملاحية خارجَ الخدمة.
كان تحالف العدوان قد أعلن أنه دمّـر تهديد الطائرات المسيَّرة والقدرات الصاروخية أكثرَ من مرة، وآخرها مع العدوان الأخير المتكرّر على مطار صنعاء، وادِّعاءات أنه ورش تصنيع وتجميع الطائرات المسيَّرة ومنصات الإطلاق، بعدها شهدنا عشرات العمليات للطائرات المسيَّرة، كانت أغلبها باتّجاه العمق السعوديّ، وكذلك إلى مواقع وتحصينات المرتزِقة في الداخل، واليوم بعملية في عمق الإمارات، التي كانت تظُنُّ أنها بعيدة ولن تطالها اليد اليمنية.
الخلاصة أن اليمنيين يمتلكون الكثير من الخيارات للرد على السعوديّة والإمارات، وعليهم أن يعيدوا حساباتهم، ولا يركنوا إلى الأمريكي، وأن لا يتورطوا في تنفيذ مشاريعه، ربما تكون العمليةُ جرسَ إنذار ينبه حكام الإمارات إلى أن في جعبة اليمن الكثير، وأن القادم سيكون أشد وأنكى.
متابعة وسائل التواصل الاجتماعي تظهر أن هناك تفاعلاً كَبيراً، يعبر عن افتخار اليمنيين بقواتهم المسلحة، التي لم تخذلهم يوماً، وكانت وستظل الحصن الحصين، والدرع الواقي لليمن، وحامية سيادته واستقلاله، فلم يعد جدارُ اليمن واطياً، كما يقال في المثل، بل هناك حصونٌ حصينة، يستطيعون الاعتماد عليها، جواً وبراً وبحراً، وعملية اقتياد سفينة الشحن العسكرية الإماراتية من مياه البحر الأحمر، أثناء تنفيذ عمليات عدائية، تضاف إلى هذه العملية ودلائلها العظيمة والمهمة.
سبع سنوات نقلت المعركة إلى عمق العدوّ، وتحولت موازينها لصالح اليمن واليمنيين، ميدانيًّا، وسياسيًّا، واجتماعياً وشعبيًّا، تحالف العدوان ومرتزِقته خسروا الكثير، بل أصبحت صورتهم السيئة واضحة للجميع، وعداؤهم لكل اليمنيين، حتى من هم في مناطق سيطرة ما يسمونها الشرعية، بالأصح المناطق المحتلّة في الجنوب ومأرب، الذين باتوا متلهفين لتحريرهم من قوى الغزو والعدوان، هناك محاولة لمنع وإعاقة تحرير مأرب، لكنها فاشلة إلى الآن، وهناك خطوط حمراء رسمها الشعب اليمني وقواته المسلحة، ولن يقبلَ إلَّا باستكمال التحرير، وطردِ القوات الغازية من البلاد، ثم يجلس اليمنيون مع بعضِهم لتقرير مصيرِهم دون أي تدخل خارجي.