تشكِّلُ الذِّكرى السنويةُ للشهيد، محطةً مهمةً في تاريخ اليمن المعاصر الذي قدّم وما يزال منذ ثماني سنوات، التضحيات الجسيمة في سبيل الحرية والكرامة والخروج من الوَصاية والهيمنة الخارجية والدفاع عن الأرض والعرض.
وستظل هذه الذكرى راسخةً في قلوب وعقول أبناء الشعب اليمني، فالتضحيات والبطولات ستصنع الحرية والعزة والكرامة للشعب، كما أن استذكار وإحيَـاء هذه المناسبة العظيمة يعد رسالة قوية للأعداء ولتحالف العدوان والإدارة الأمريكية، بمدى تمسك الشعب اليمني بخيار المقاومة، والصمود، وأن هذا الشعب الذي يعتز ويفتخر بتضحيات شهدائه هو شعب لا يمكن قهره، ويستحيل كسر إرادته.
وفي هذا الشأن يقول الباحث والمحلل السياسي الدكتور أنيس الأصبحي: إن الشهداء يحظون بالتكريم والتبجيل لما خصهم الله من مكانة حميدة، لما قدمت أيديهم من تضحيات جسام، فهم الذين لبوا وضحوا بالروح والجسد دفاعاً عن الوطن والحرية والشرف.
ويقول في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة”: إن الذكرى السنوية للشهيد هي محطة مهمة في تاريخ اليمن المعاصر الذي قدّم ولا يزال منذ ثماني سنوات، التضحيات الجسيمة في سبيل الحرية والكرامة والخروج من الوصاية والهيمنة الخارجية والدفاع عن الأرض والعرض، مؤكّـداً أن تضحيات الشهداء الذين قدموا أرواحهم في سبيل الدفاع عن الوطن، ستظل راسخة في قلوب وعقول أبناء الشعب اليمني وأن تلك التضحيات والبطولات ستصنع الحرية والعزة والكرامة للشعب اليمني، وأن إحياء هذه الذكرى محطة يستلهم الجميع من خلالها روح العطاء والإيثار والتضحية والشجاعة والثبات التي اختزلها الشهداء وعبروا عنها من خلال مواقفهم وثباتهم في مواجهة العدوان.
ويشير إلى أن اتِّخاذَ مثل هذا اليوم يوماً أَو أسبوعاً وطنياً للشهيد فيه عودة بهذا الشعب وبوعيه إلى تاريخه ليقرأ فيه معانيَ الوطنية ومعاني النضال ومعاني الإسلام ومعاني الجهاد ومعاني حب الوطن من خلال استذكاره لقوافل الشهداء الذين قدّمهم قرباناً لمذبح الحرية، فجاؤوه فرحين طائعين مهللين، فعاشوا شرفاء وماتوا مِن أجلِه شرفاء، ولم تستطع الدنيا أن تسرق منهم جلال الوطن ولا ذلوا ولا استكانوا أمام الأعداء وما ركعوا لشهوات الدنيا.
ويؤكّـد أن الاحتفالَ بذكريات العظماء وفاءٌ، وأي وفاء؛ لأَنَّهم وفوا بما عاهدوا عليه الله والشعب والنفس، وحقّقوا أمانيهم بخاتمة الاستشهاد، فالذكرى لا تقام مِن أجلِهم كأشخاص، ولا مِن أجل الذكرى، بل تقام؛ لأَنَّ حياتهم جزء من تاريخ هذا الوطن العظيم، فتذكرهم وإقامة الذكريات لهم هو تذكير للأجيال على مدى العصور، بما قدمه أجدادهم وآباؤهم من تضحيات غالية؛ كي يتحرّر الوطن، ويسعد أبناؤه، وينعموا بالحرية فوق أرضهم.
ويوضح أن وراء كُـلّ عظيم من عظمائنا قصةً، وبطولةً، وأمجاداً تعتز بها أجيال الغد، وتتباهى بسجلها الذهبي الثري بالرجال والأبطال، وقد كان لنا هذا السجل في ماضينا، ضد كُـلّ مستعمر لليمن، ولكن أيادي المستعمر الجديد عاثت فيه حرقاً وفساداً، إلى أن ما يتعرض له الوطن من عدوان غاشم وحصار جائر في ظل صمت أممي ودولي، يعتبر انتهاكاً سافراً للقانون الدولي الذي يجرّم الاعتداء على بلد وشعب ذات سيادة، وهو ما يحتم علينا التلاحم والاصطفاف وبذل المزيد من التضحيات في مواجهة العدوان والدفاع عن الوطن وسيادته واستقلاله.
ويزيد: وبهذه المناسبة الغالية نجدد العهد بالوفاء للدماء الطاهرة الزكية التي سالت فداءً لهذا الوطن المعطاء وصوناً للأرض والعرض والكرامة، ورفضاً قاطعاً لقوى الغزو والاحتلال والعمالة والمضي على نهج الشهداء دفاعاً عن الوطن والوقوف إلى جانب أسر الشهداء والجرحى ورعايتهم وتقديم الدعم والمساندة لهم.
أهميّةُ إحيَـاء الذكرى السنوية للشهيد
بدوره يؤكّـد المحلل السياسي والخبير العسكري العميد نبيل القدسي أن إحيَـاء ذكرى الشهيد له أهميّة كبيرة؛ كون تضحيات الشهداء تمثل الحقيقة الإيمَـانية لتحرير اليمن والأمة من الذل والهوان، والتبعية، والظلم، والعدوان.
ويضيف في حديثه لصحيفة “المسيرة” أن الشهداء هم عنوان العزة والكرامة، وهم الذين أوقفوا وتصدَّوا لمخطّطات الاستكبار، والظلم، والفساد الذي تقوده الماسونية في عالمنا المعاصر، مبينًا أن إحيَـاء ذكرى الشهيد هو تأكيد للوفاء على الاستمرار في نهج الصمود، والمقاومة، والجهاد ضد أعداء الإنسانية من أنظمة فاسدة، واستكبار القوى التي تحكم العالم المعاصر بالحديد والنار، والاستغلال، والفساد، والمؤامرات، والأطماع، والدسائس، والفتن، والعقوبات، والحروب، وسلب مقدرات الشعوب.
ويؤكّـد أن إحيَـاء أسبوع الشهيد لا يقتصرُ على فعاليات معينة ومؤقتة فقط، وإنما يتعداها في الاستمرار على نهج الشهداء، من حَيثُ تنمية الوعي الجهادي في تحقيق أهداف الاستشهاد التي ضحى؛ مِن أجلِها الشهداء حتى يكتب الله لأمتنا العربية، ولليمن النصر والعزة والكرامة، منوِّهًا إلى أن هذه المناسبة تكتسب معانيَ إلهية وقرآنية وإيمَـانية صديقية وإحسانية، ووطنية وإنسانية، مؤكّـداً أن الشهداء هم الذين حضوا بالمحبة الإلهية، ووقع عليهم الاختيار الإلهي، وهم كانوا ولا زالوا في محل كرامة النظر الالهي، مستشهداً بقوله تعالى (فسيأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) فهذه هي صفاتهم وأخلاقهم وقيمهم، (أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم).
ويتساءل القدسي في كلامه: كيف لا تكتسب إحيَـاء الذكرى السنوية للشهيد أهميّةً والشهادة هي محل الفضل الإلهي، وهي مقام الوهب والمحبة من الله سبحانه؟!، موضحًا أن محلَّ نظر الله هو للإنسانية والشهداء هم من قدم النفس لأجل الإنسانية وحمايتها من الظلم والفساد والهيمنة والعدوان، وأن إحيَـاء أسبوع الشهيد هو إحيَـاء لمنهج الحب لله وإحيَـاء لمنهج رحمة النبوة.
ويؤكّـد أن الشهداء هم من تجسدت فيهم رحمة النبوة، إذ رأوا شعوبهم تعاني من سطوة الظلم، والقهر والفساد، والفقر، والعدوان، والحصار فتجسدت فيهم رحمة النبوة، فجادوا بنفوسهم؛ مِن أجل أن تحيا شعوبُهم في عزة وكرامة، وخير، وأن إحيَـاءنا لهذه المناسبة هو تعبير عن التمسك بهذا النهج المحمدي في الدفاع عن حقوق شعوبنا العربية.
ويبين أن تضحيات الشهداء، جاءت ضدَّ أنظمة فاسدة، خضعت لوصاية الخارج، وعانى منها شعبنا اليمني لحقبة طويلة، ساد فيها التخلف في جميع القطاعات الزراعية والاستثمارية، والتعدين، والنفط، والصناعة.
ويشير إلى أن إحيَـاء أسبوع الشهيد هو مِن أجل مواصلة شحذ الهمم للتأكيد على تحقيق الصمود، والنصر ضد أكبر عدوان همجي عرفه التاريخ، وهو إحيَـاء يضفي خلق الإصرار الوطني في كسر الحصار الظالم على شعبنا، كما أنه تأكيد على تمسك اليمنيين بخيار المقاومة والاستعداد لمرحلة طرد الغزاة والمحتلّين وتطهير الأراضي اليمنية من دنس الاحتلال، والحفاظ على الوحدة اليمنية.
ويواصل: “إحيَـاء الذكرى السنوية للشهيد يؤكّـدُ على تحقيق النهوض الوطني الشامل، والذي بدأت ثماره تُجنى بفضل القيادة الحكيمة للقائد العلم السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، والذي باشر بإصدار الأوامر والتوجيهات لتنفيذ خطط النهوض الزراعي والصناعي والتي بدأ الجميع يلمس آثارها، وهي حتماً إذَا ما استمرت فسيصل اليمن للاكتفاء الزراعي، وتحقيق النهوض الصناعي وهو ما بدأت به قيادتنا السياسية في استصلاح الأراضي الزراعية والتوسع في المجال الزراعي والتعديني الصناعي.
ويتابع حديثه بالقول: “شهداؤنا هم عظماؤنا، والاحتفالُ بأسبوع الشهيد هو لإحياء مشاعر لمسؤوليتنا أمام الله والشهداء للوفاء بتلك التضحيات؛ مِن أجل مواصلة الجهاد في جميع مجالات المسؤولية الوطنية، كي تتحقّق العدالة والحرية والعزة والكرامة لشعبنا وحتى تحقيق النصر الشامل على تحالف العدوان وأدواته من مرتزِقة، ومأجورين.
ويجدد التأكيد على أن أهميّة إحيَـاء أسبوع الشهيد تتجلى بإيصال رسالة قوية للأعداء ولتحالف العدوان والإدارة الأمريكية، بمدى تمسك الشعب اليمني بخيار المقاومة، والصمود، وأن هذا الشعب الذي يعتز ويفتخر بتضحيات شهدائه هو شعب لا يمكن قهره، ومستحيل أن تكسر إرادته، وبالتالي يجب على تحالف الشر الأمريكي أن يعيَ هذه الحقيقة ويضع في حسبانه أن شعبنا اليمني سيصنع نصراً ساحقاً، وأن مخطّطات العدوان الخبيثة ستصبح يوماً ما في مزبلة التاريخ.
شهداءُ علينا
من جانبه يقولُ المدير التنفيذي لمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية اليمني عبدالعزيز أبو طالب: إن كُـلّ أُمَّـة تحتفل بعظمائها، وتسعى من وراء ذلك إلى استدعاء القيم والمميزات التي كانوا يتصفون بها لغرسها في وعي الأجيال ونشرها بين أبناء المجتمع حتى يضمنوا اتّصافَ تلك الأجيال بما كان يحمله أُولئك العظماء من أخلاق وقيم ومميزات تنعكس على أبناء المجتمع في حياتهم رقياً وعزة وكرامة.
ويشير أبو طالب في تصريح خاص لصحيفة المسيرة” إلى أن لنا في ثقافتنا الإسلامية وتراثنا الديني عظماءَ لم يغادروا الحياة كما غادرها عظماء الشعوب الأُخرى بالموت والفناء، ولكنهم رغم فقد أشخاصهم إلَّا أنهم أحياء معنا، باقون فينا، شهداء علينا، مؤكّـداً أنهم الشهداء الأحياء، مستشهداً بقول الله جل شأنه: (ولا تحسبن الذين قُتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياءٌ عند ربهم يُرزقون). وقال تعالى (ولا تقولوا لمن يُقتل في سبيل الله أموات بل أحياءٌ ولكن لا تشعرون).
ويستطرد حديثه قائلاً: “وفي خضمِّ صراع أهل الحق مع الباطل كسُنَّةٍ من سُنَنِ الحياة ولازمة من لوازم الابتلاء والتمحيص كان لزاماً علينا كمؤمنين أن نخوض هذا الصراع ونقدم التضحيات في سبيل الله تعالى ومتاجرة معه سبحانه، راضين بالصفقة التي أكرم الله بها من باع نفسَه وماله في سبيله وأعد له العظيم من رضوانه وفضله”.
ويؤكّـد أن الشهداء هم أُولئك المتاجرون، الصادقون في بيعتهم، وهم من سبقوا إلى رضوان الله تعالى واثقين بوعده ومستبشرين بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم أن لا يخافوا ولا يحزنوا ولا يتهيبوا مما يعتقدونه موتاً، بل هو حياةٌ، ونعيم خالد ورضوان من الله أكبر، مُضيفاً “نعم أُولئك قد فازوا فما بالنا نحن نحتفلُ بذكراهم وهم ليسوا بحاجة لنا، إذ إنهم عند ربهم يُرزقون، وأي رزق عندما يكون من مالك الملك ومن بيده خزائن السماوات والأرض؟
ويوضح أننا نحتقل بهذه الذكرى وَأُولئك العظماء لعدة أسباب والتي يمكن تلخيص بعضها من خلال الوفاء وإكراماً لمن بذل روحه في سبيل عزتنا وكرامتنا، ومن قدم نفسه لنحيا وتألم لنسلم وقدم مالَه لنستمتع بأموالنا في أمن وسلام، وكذلك العمل على استدعاء لرمزية الشهيد في الوعي والأجيال وما يمثله من ترجمة صادقة لمبادئ التضحية والعزة والكرامة التي أرداها لله تعالى للمؤمنين.
ويضيف: رفع الشهيد كقُدوة يقتدى به في التضحية وما دونها من أعمال قد لا ترقى لبذل الروح كالنضال والعمل الصالح والعمل في سبيل رفعة الأُمَّــة وكرامتها، منوِّهًا إلى أن استحضار ذكرى الشهيد تعتبر دافعاً للشباب إلى الالتحاق بركب العظماء خدمة لدينهم ودفعاً عن أوطانهم وتحقيقاً لأمنهم واستقرارهم، فثقافةُ الشهادة قوة دافعة تنزع من الشباب الخوف وتزرع فيهم الإقدام والشجاعة، إلى جانب تعزيزاً ومواساة لمن خلفهم من أهاليهم والوقوف إلى جانبهم والتذكير بحقوقهم ومسؤوليتنا تجاههم.
ويشدّد على أن إحياءَ هذه المناسبة لا يجب أن يقتصرَ على شريحة معينة ولا جهة رسمية محدّدة وكأنها جزء من الوظيفة، أَو تقليد يكفي من يقوم به عن الآخرين، بل يجب أن يشملَ الجميع شعبيًّا ورسميًّا وعلى كُـلّ مستويات وفئات المجتمع، مؤكّـداً أن ذلك يأتي لما يعودُ به الشهيد من بركات على الجميع؛ ولأن الشهيد له امتدادُه في المجتمع في والد تركه، أَو زوجة خلّفها، أَو أبناء غادرهم وإخوة وأهل وأصدقاء كلهم عزَّ عليهم فُراقُه وشعروا بالفراغ بعده، داعياً الجميعَ أن يشاركوا في هذه المناسبة؛ لأَنَّ الشهيدَ حَيٌّ بين أوساطنا وشهيدٌ علينا في أي تقصير وشاهدٌ لنا في كُـلّ عمل مبرور تجاهه.