نص كلمة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي تدشينًا لفعاليات إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف 1445 هـ -2023 م
السبت 1 ربيع الأول 1445هـ 16 سبتمبر 2023م
أرحب بكم جميعاً، وفي المقدِّمة: الآباء العلماء الأجلاء، وأرحب بالأخ الرئيس، والأخوة الحاضرين من مؤسسات الدولة، وأرحب أيضاً بالحاضرين من الجاليات الأفريقية، وأرحب بكافة الحاضرين أجمعين، حياكم الله جميعاً، وأهلاً وسهلاً ومرحباً.
أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
أيُّها الإخوة الأعزاء الحاضرون جميعاً: السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
في البداية نتوجه إليكم وإلى كل شعبنا اليمني المسلم العزيز، وإلى أبناء أمتنا الإسلامية كافّة، بالتهاني والتبريكات، بدخول هذا الشهر المبارك: شهر ربيعٍ الأول، الذي فيه ذكرى مولد الرسول “صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه”، خاتم الأنبياء، وسيد المرسلين، محمد بن عبد الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه الطَّيِّبِيْنَ الطَّاهِريْنَ”.
وفي هذا المقام المبارك، وفي هذا اليوم المبارك، بداية الشهر المبارك، ندشن الفعاليات التي هي تحضيرٌ وتمهيدٌ ليوم الاحتفال الكبير العام، ليوم المناسبة الرئيسية، وبفضل الله وتوفيقه قد بدأت أصلاً الفعاليات والأنشطة الثقافية المتنوعة، وبدأت أيضاً مظاهر الابتهاج بالمناسبة المباركة في أرجاء بلدنا كافّة، في مختلف المحافظات، إلَّا ربما استثناءً المحافظات المحتلة؛ للظروف التي يعيشها أبناء شعبنا هناك، وبحمد الله وبتوفيق الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” فإنَّ العناية بهذه المناسبة، من خلال الفعاليات التثقيفية والتوعوية، ومن خلال مظاهر الابتهاج والفرح بالزينة، بالأضواء التي تزين شوارع المدن الكبيرة في البلد، وتنتشر في كثيرٍ من أصقاع بلدنا ومناطقه، وكذلك مظاهر كثيرة ومتنوعة للابتهاج بالمناسبة، وعلى نحوٍ مميز، عندما نتأمل في ما هو قائم في بلدنا من مظاهر الابتهاج، والفرح، والاحتفال، والفعاليات المتنوعة؛ نرى احتفاءً وابتهاجاً واهتماماً متميزاً، تصدَّر به شعبنا اليمني المسلم العزيز بقية أبناء أمتنا الإسلامية وشعوبنا الإسلامية في العالم العربي وفي غيره، وهذا هو من مصاديق الحديث النبوي الشريف: ((الإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالحِكْمَةُ يَمَانِيَّة)).
من أهم ما في الإيمان: هو الإيمان برسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه”، وأيضاً يرتبط بهذا الإيمان المحبة للرسول “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه”، المحبة العظيمة بعد المحبة لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وفوق المحبة للنفس والأهل والناس أجمعين، كما ورد في الحديث النبوي ربط هذه المسألة بالإيمان، ومصداقية الإيمان، وكذلك ما ورد في الآية المباركة في (سورة التوبة)، التي خُتمت بعد قوله: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ}[التوبة: من الآية24]، فأتى الموقع للرسول “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه” في مستوى المحبة، فيما يفترض بالإنسان المؤمن أن يكون عليه، بعد ذكر الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، {أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}، الموقع الثاني في المحبة، وهذه المحبة لابدَّ أن تتجلى، لابدَّ أن تظهر، عندما تكون محبةً عظيمة، تظهر هذه المحبة وتتجلى في كل ما يعبِّر عنها من مظاهر التعظيم، والتبجيل، والتقديس؛ لأنها محبة للرسول “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه” في مقامه العظيم، في منزلته الرفيعة العالية، في كماله بالنبوة، بالإيمان، بالأخلاق، بالمنزلة العالية عند الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، في مقام القدوة، في مقام الهداية، في مقام القيادة، وتتجلى بالاتِّباع، بالاقتداء، بالتأسي، بالتمسك؛ ولذلك فشعبنا العزيز وهو يعبِّر عن هذه المحبة العظيمة بكل مظاهر الابتهاج، هو أيضاً يعبِّر عن شكره لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، واعترافه بعظيم فضل الله، وبعظيم رحمته، وبعظيم نعمته، عندما بعث فينا سيِّد رسله، وخاتم أنبيائه محمد “صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه”.
والله “جلَّ شأنه” حينما قال في القرآن الكريم: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}[يونس: الآية58]، {فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا}، فلنفرح، وليتجلى فرحنا في كل الوسائل المشروعة، التي تعبِّر عن الفرح، عن الابتهاج، عن السرور، عن الاستشعار لقدر هذه النعمة العظيمة، وهذا الفضل العظيم، والرحمة الكبيرة، وما يترتب عليها من النتائج المهمة، وهي تلك النعمة: (الرسول، والقرآن)، الرسول والقرآن هي تلك النعمة العظيمة، التي ترتبط بها نعمة الهداية، أعظم النعم، وأسنى النعم، والتي يترتب عليها الخير للإنسان في الدنيا والآخرة.
فمن التوفيق ومن النعمة أن يكون شعبنا العزيز، يمن الإيمان والحكمة، أحفاد الأنصار، في هذا العصر متميزاً ومتصدِّراً للشعوب الإسلامية في مختلف أرجاء الدنيا، في مدى اهتمامه بهذه المناسبة تعبيراً عن الشكر لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والابتهاج والفرح بهذه النعمة، وهو يحمل نوعاً من تلك المشاعر: مشاعر المحبة، والحفاوة، والاستقبال، التي استقبل بها أجداده وآباؤه الأوائل أنصار رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه”، الذين سمَّاهم الله في كتابه الكريم بالأنصار، الله هو الذي سمَّاهم بالأنصار، فهم عندما استقبلوا رسول الله استقبلوه بالحفاوة، بالمحبة، المحبة الكبيرة، بالتقدير، بالفرح الكبير، فرحوا به، واستبشروا به، ورحبوا به، ثم كانوا من آووا ونصروا، إيواء، ونصرة، وإيمان، وموقف، وجهاد، وعطاء، وتضحية، عطاء عظيم، وعطاء متميز، بلغ إلى درجة الإيثار على النفس، وهم في حالة الخصاصة، والظروف الصعبة، والمعاناة الكبيرة، لكن هكذا هم الكرام، من نفوسهم نفوسٌ كريمة، تقدِّر الأشياء الكريمة والعظيمة والمهمة، وذات القيمة العالية على المستوى الإنساني، والأخلاقي، والقيمي، والإيماني.
وهذا بكله هو من البشائر المبشِّرة بأنَّ شعبنا اليمني العزيز راسخاً في انتمائه الإيماني، بأنه راسخ في انتمائه الإيماني، وأنَّه- إن شاء الله تعالى- ماضٍ في مسيرته، ليقدم النموذج أمام بقية الشعوب في الالتزام الإيماني، وفي التمسك برسالة الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والاقتداء برسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه”، والاتِّباع للقرآن الكريم، كما فعل أجداده وآباؤه الأوائل ذلك، يوم كانت القبائل من مختلف المناطق العربية، عندما يعرض عليها رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه”، يعرض عليها الشرف الكبير، الذي هو أعظم شرف، أن تكون هي من تحتضن الرسالة الإلهية، وتحمل راية الإسلام، فكانت تلك القبائل قبيلةً قبيلة تُعرِض عن هذا الشرف، وتتهرب عن هذا الشرف الكبير، وهذه قصةٌ عجيبة في السيرة النبوية، كان هذا الشرف وهذا الفضل، وربما هي من سنَّة الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في إقامة الحجة، والوفود من مختلف المناطق العربية تحج إلى مكة، وأثناء الحج يعرض عليها رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه” أن تحظى بهذا الشرف، فكانت تلك القبيلة تعتذر، وتلك القبيلة ترفض، وتلك القبيلة تختلق لها التبريرات وتتهرب، إلى أن جاء الأوس والخزرج فبادروا، واستبشروا، وسبقوا، واستعدوا، ثم كان ذلك مقدِّمةً للهجرة النبوية، ثم كان ذلك مقدِّمةً لمرحلة جديدة، وبعد ذلك تحققت النتائج الكبيرة والمهمة عندما هاجر النبي “صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه” إليهم، وبدأت مرحلة الجهاد في سبيل الله، وإحياء رسالة الله، وإقامة دين الله، تحققت النتائج العظيمة، فعمَّ نور الله أرجاء الجزيرة العربية قاطبةً، لكن بعد عمل وجهاد، وبعد أن حظي الأنصار بذلك الفضل الكبير.
أملنا في شعبنا العزيز بانتمائه الإيماني الراسخ، ونحن في مرحلة تاريخية مهمة، ونحن في ظروف على المستوى العالمي ذات أهمية بالغة، فيها الكثير من التحولات والمتغيرات، لكن نحن كأمةٍ إسلامية، ننتمي للإسلام، لابدَّ أن يكون مسارنا منطلقاً من أساسٍ صحيح، من انتمائنا نفسه، من انتمائنا للإسلام، من انتمائنا للقرآن، من انتمائنا للرسالة الإلهية.
يقولون في هذه المرحلة: تغيَّر وضع أمريكا في نفوذها العالمي، وفي هيمنتها على بقية الدول والشعوب، وأصبحت هناك بلدان أخرى تنهض لتحتل لها وتتبوأ لها موقعاً خارج الهيمنة الأمريكية، والنفوذ الأمريكي، فأين هي وجهة العرب أمام هذا؟ هل سيتجه الجميع نحو الصين، للالتحاق بها كبديل عن أمريكا، أو إلى التحالف الصيني الروسي، أم كيف؟ أين هي وجهتهم؟
ولذلك أمام هذه التغيرات والمتحولات، يجب أن تكون وجهتنا قائمةً على أساس انتمائنا للإسلام، نحن أمة إسلامية، تمتلك كل المقومات، وكل العناصر اللازمة لأن تبني نفسها لتكون أمةً لها اتجاهها المتميز، المبني على أساس انتمائها العظيم للإسلام، وللرسالة الإلهية، وللمبادئ الإلهية، وللقيم الإلهية، ومهما كان حجم المؤامرات علينا، مهما كانت المعاناة، مهما كانت التحديات، مهما كانت الصعوبات، إلَّا أنَّ بإمكاننا من خلال كل عناصر القوة تلك، التي تختزنها هذه المبادئ الإلهية، والقيم الإلهية، نستفيد منها ومن خلالها تتحول كل التحديات وكل الصعوبات إلى فرص، وهذا متاحٌ لنا بمعونة الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” وبتوفيقه.
فأمام كل هذا نحن معنيون بأن نجعل من هذه المناسبة المباركة محطةً تساعدنا في انطلاقتنا، وتساعدنا على التزود بالنور، بالنور الإلهي، من خلال قنواته المباركة: القرآن والرسول، وأيضاً نتزود الزكاء؛ لأن من أهم عطاء الرسالة الإلهية، هو ما تقدمه من نور، ومن تزكيةٍ للنفوس، وهذا أهم ما يحتاج إليه الإنسان، وأهم ما يسمو بالإنسان، وأهم ما يؤهل الإنسان لأداء دوره في هذه الحياة بكرامةٍ وبجدارةٍ كمستخلفٍ لله في الأرض، ويكسب له خير الدنيا والآخرة.
في هذه المناسبة المباركة أملنا- إن شاء الله- أن يكون اهتمام شعبنا إلى مستوى تصاعدي، وبأفضل من كل الأعوام الماضية، مع أنَّ إحياءه الكبير والعظيم لهذه المناسبة في الأعوام الماضية كان مبهراً، ومدهشاً، وملفتاً على مستوى العالم، في العالم الإسلامي، وفي خارج العالم الإسلامي، حتى من جهة الأعداء أنفسهم، الأمريكيون والإسرائيليون، وكذلك الدول الأوروبية، الكل كانوا مندهشين لمستوى التفاعل والإحياء الكبير للمناسبة في بلدنا العزيز.
كما أنَّا أيضاً رأينا في العام الماضي عودةً في كثيرٍ من البلدان الإسلامية لإحياء هذه المناسبة بالمستوى الجيد، في عددٍ من البلدان العربية، وفي عددٍ من البلدان الإسلامية الأخرى، كان هناك عودة إلى إحياء مناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف، وتفاوت الاهتمام بها من بلدٍ إلى آخر، لكن هذه بشائر خير، ولها إيجابيتها الكبيرة، وأثرها المبارك إن شاء الله.
أملنا في هذا العام أيضاً أن يكون مستوى الإحياء أيضاً بشكلٍ كبير في بقية البلدان العربية والإسلامية، كان قد حصل في السنوات الماضية تراجع في إحياء هذه المناسبة في كثيرٍ من العالم الإسلامي، والسبب هو:
-
حملات تكفيرية، حملات التكفيريين الذين يصدون عن هذه المناسبة، ولهم موقف مسيء، وموقفٌ خاسر وخائب وسيء تجاه مسألة التعظيم لرسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه”، وكل مظاهر الإعزاز والتقدير لرسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه” هم لا يستسيغونها، ولا يريدون أن يحمل الإنسان المسلم تجاه رسول الله أي مشاعر تعظيم، أو إعزاز، أو تقدير، هم في ثقافتهم وعقائدهم يقدِّمون الرسول كشخصية عادية، لا يجوز أن يحمل لها الإنسان المسلم أي تقدير البتة، وهذه مشكلتهم هم، هذا من أسوأ انحرافاتهم، ومن أفضح جهالاتهم، وأوضح دلائل بطلان ما هم عليهم.
-
ومن جانبٍ آخر: التأثيرات للتثقيف والحرب الناعمة للأعداء، التي تسعى لفصل هذه الأمة عن مصادر عزتها، وقنوات هدايتها (عن الرسول، وعن القرآن)؛ لأن اللوبي اليهودي الصهيوني، وأتباعه في العالم من النصارى وغيرهم، حتى من الوسط الإسلامي، والساحة الإسلامية، هم يعملون بكل الوسائل والأساليب إلى فصل الأمة عن الرسول والقرآن، بما في ذلك: أن يفرِّغوا من قلوب الأمة كل مشاعر التعظيم، والتوقير، والإعزاز، والتقدير للرسول والقرآن، كل مشاعر التقديس، والتبجيل للرسول والقرآن.
فبهذا وذاك، شغل اللوبي اليهودي الصهيوني وأدواته من خارج، وشغل التكفيريين السلبي من الداخل، كان قد أضعف في الوسط الإسلامي والساحة الإسلامية الاحتفال بهذه المناسبة، والعناية بها، والاهتمام بها، والاستفادة منها، وكان هذا حرمانٌ للأمة من خيرٍ كبير، والله المستعان.
نحن نأمل- إن شاء الله- أنه مع عودة الإحياء لهذه المناسبة، والاستفادة منها، وبالذات في هذه المرحلة الحسَّاسة، التي يتحرك فيها الأعداء، أعداؤنا من الكافرين والمنافقين، الذين يسعون لصدنا عن ديننا، عن مبادئنا الإلهية، عن القيم العظيمة، ويحاولون الانحراف بنا عن نهج الله وتعاليمه، نأمل أن يكون إحياؤنا لهذه المناسبة مما يزيدنا وعياً، وإيماناً، وثباتاً، ومحبةً لرسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه”، ولرسل الله وأنبيائه، وأيضاً أن يكون مما يسهم في العمل على تغيير واقعنا؛ لأن هذه مسألة مهمة جدًّا، نحن في أمسِّ الحاجة إليها في هذه المرحلة، والظروف العصيبة التي يعاني منها مجتمعنا المسلم في كل البلدان معاناةٍ كبيرة، من مشاكل كثيرة، وأزمات كثيرة، يحتاج في سعيه للخلاص منها: إلى النور، إلى الوعي، إلى البصيرة، إلى الرشد، إلى الحكمة، إلى التوجه الصحيح، إلى الرؤى الصحيحة، الهادية، المنقذة، المخلِّصة، والتي أيضاً تصله بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وتعيد له ارتباطه الوثيق؛ ليحظى برعاية الله، بمعونة الله، بالتأييد من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
في هذه المرحلة من المعروف عالمياً أنَّ أولياء الشيطان من قوى الطاغوت والاستكبار الظلامية، تسعى بشكلٍ مكثف، وبشكلٍ مفضوح- أكثر من أي وقتٍ مضى- لإضلال المجتمعات البشرية، وإفساد الناس، نشاطها بكل أنواعه، بكل ما فيه من أساليب، وبرامج متنوعة، وأنشطة متنوعة، يركز على هذين العنصرين:
-
الإضلال للناس ثقافياً، وفكرياً.
-
وأيضاً الإفساد لهم أخلاقياً.