الحقيقة الأولى: أن عملية 7 أُكتوبر “طُـوفان الأقصى” التي حقّق الله بها على أيدي المجاهدين في “حماس” نصرًا تاريخيًّا لا سابقَ له من قبلُ، وألحقت الخسائرَ الهائلةَ بالعدوّ الإسرائيلي المجرم المغتصِب، ومهما كانت ردَّةُ فعل العدوّ الإسرائيلي فما حدث في 7 أُكتوبر لن يزيلَ أثرَه أيُّ شيء يقومُ به العدوُّ إلا “عدم حدوث عملية 7 أُكتوبر” وهذا مُحالٌ.
الحقيقة الثانية: أكّـدت للعدوِّ الإسرائيلي والأمريكي في آن واحد، أن زمنَ تجزئة الساحات للقوى الحرة المناهِضة للسياسات الأمريكية والإسرائيلية الإجرامية في المنطقة قد ولّى إلى غير رجعة؛ فالمعركةُ في “طُـوفان الأقصى” أصبحت إقليميةً ولم يعد متاحاً أمام العدوّ الإسرائيلي أَو الأمريكي الاستفرادُ بالمقاومة في حرب لوحدها.
الحقيقة الثالثة: حرص العدوّ الإسرائيلي طوال العقود الماضية على أن تكونَ اليمن ضعيفةً، ويكون نظامُها عميلاً؛ لأَنَّه أياً كان موقعُه الاستراتيجي الهام وسيطرته على البحر الأحمر، وإطلالته على باب المندب فلن يكونَ له أيُّ تأثير إلا بالقدر الذي يفرضُه الخارج للنظام، وهذا ما تم خلال حكم علي صالح.
الآنَ اليمنُ ومنعُه للسفن الإسرائيلية أَو السفن الذاهبة إلى إسرائيل من المرور عبر باب المندب والبحر الأحمر واستهداف من تتجاوز التحذيرات، عبّر عن أولوية القضية الفلسطينية لديه باستخدامه خياراً استراتيجياً ظل طوال العقود الماضية مغيَّباً، ولم يُستخدَمْ حتى في ظل 9 سنوات من العدوان، وأصبح البحرُ الأحمر بدلًا عَمَّا كان مستعمَرةً أمريكية تخدُمُ المصالحَ الإسرائيلية، تم إبطالُ هذا الموضوع، وتحويلُ البحر الأحمر لخدمة القضية الفلسطينية.
الحقيقة الرابعة: عندما بدأ زمنُ الهزائم من السبعينيات إلى الآن، أمريكا بقوتها المالية والاستخباراتية والإعلامية التي لا يمكن مجاراتها، بما في ذلك الإعلامُ باللغة العربية الخليجية إعلام أمريكي، صرفت أمريكا كثيراً؛ مِن أجل تغيير الكثير من القناعات؛ لتخدعَ الناسَ بمبادئها والقيم التي تدّعيها والحقوق والحريات، وأشعلت النزاعَات والخلافاتِ بين أبناء الأُمَّــة الإسلامية؛ حتى أصبح المسلمون يقاتلون تحت رايتها، ووفق خططها، وجدناها خلال سبعين يوماً من معركة “طُـوفان الأقصى” قد هدمت كُـلَّ ما صنعته أمريكا و”إسرائيل” خلال العقود الماضية، وظهرت للناس أمريكا و”إسرائيل” على حقيقتها، وكشفت وجهَها الوحشي القبيح، المجرم، واعترفت أمريكا وكلُّ دول الغرب أمام وسائل الإعلام، وسمعها كُـلُّ شعوب العالم عن نواياها لإبادة أي عربي أَو مسلم لمصلحة بقاءِ الكيان الإسرائيلي الغاصب.
الحقيقة الخامسة: اعتقدت أمريكا أنها خَطَت خطواتٍ متقدمةً في مسار إقناع بعض عملائها في المنطقة: “الإماراتي والسعوديّ وبعض الدول للتطبيع مع كيان العدوّ الإسرائيلي” وهي مخطئة؛ فخلال السبعين يوماً من معركة “طُـوفان الأقصى” أصبح لدى العدوّ الإسرائيلي والأمريكي قناعةٌ تامة، ويقينٌ بأنه لا يمكن تصفيةُ القضية الفلسطينية من وجدان الشعوب العربية والإسلامية، وأن الشعوبَ لا تزالُ حُرَّةً تحمِلُ العِداءَ لليهود كما وجَّهها القرآن الكريم، بل زادت جرائمُ العدوّ الإسرائيلي من مستوى السخط للأمريكي والإسرائيلي وسياساتهما الشيطانية، وتأكّـد العدوّ الإسرائيلي أنه لم يكسب شيئاً من خلال تطبيعه، بل ساهم في عودة الشعوب إلى الإسلام والقرآن كمخرج وحيد من حالة الوهن والضعف والخنوع لأعدائها.
الحقيقة السادسة: كسرت هيبة أمريكا الدولة العظمة، وكسرت هيبة بوارجها الحربية التي تطلق عليها أسماءً للحرب النفسية مثل “مدمّـرة”، وأن الخنوعَ والخوفَ الذي سار عليه زعماءُ وحكامُ الدول العربية والإسلامية خيارٌ خاطئ، وأن أمريكا وكيانَ العدوّ الإسرائيلي ودولَ الغرب المؤيِّدة لها ليسوا أصدقاء بل هم أعداء، وأصبحت الشعوبُ على قناعة بأنه لا يوجدُ خيارٌ لدى الأُمَّــة العربية والإسلامية إلا خيار الجهاد والمواجهة لأعداء لتعودَ إليها عزتُها وكرامتها.
الحقيقة السابعة: تميَّزَ الشعبُ اليمنيُّ خلال 70 يوماً من معركة “طُـوفان الأقصى” ضد كيان العدوّ الإسرائيلي على كُـلّ شعوب العالم بالحراك الشعبي والرسمي الداعم لفلسطين وأهلنا في غزة، فقد أحصت بعضُ وسائل الإعلام عددَ التظاهُرات الشعبيّة الداعمة لفلسطين والمساندة لأهلنا بأكثرَ من 495 تظاهُرةً؛ فكان اليمن في قلب معركة “طُـوفان الأقصى”، ولأول مرة تشتعلُ جبهةُ اليمن برًّا بالمَسيرات، وبحرًا بالعمليات، وجوًّا بالصواريخ والمُسيَّرات؛ دعمًا وإسنادًا لغزةَ؛ فلا بلدَ كاليمن في التعبئة الثورية الحربية، ولا بلدَ تشغلُه قضيةُ الأُمَّــة كاليمن، حتى ارتبط مصيرُ اليمن أمناً واستقراراً واستقلالاً بمصير فلسطين.