هل وقع «رأس تل أبيب» تحت مقصلة «كهف مران»؟ .. ما بعد تورنادو الجوف
بقلم / صلاح الدكاك
الكشف رسمياً عن مصير طيار التورنادو ومساعده، مرهون بإقرار الدولة التي ينتميان لها بفقدانهما، والشروع في مفاوضات رسمية حولهما حيين كانا أو ميتين.
من يستطيع أن يخمن “هذه الدولة” ولماذا لم تبادر حتى اللحظة لاستنقاذ مواطنيها؟! كما فعلت الأردن عقب إسقاط طائرة في نجران في شباط/ فبراير 2017م ونجاة قائدها الأردني الذي واكبت عمّان علناً أخباره وصولاً إلى استقباله رسمياً والاحتفاء بسلامته، وكما فعلت المغرب إزاء جثمان طيارها الذي وقع في قبضة الجيش واللجان، وكما فعلت حتى البحرين!
ناعق تحالف العدوان تجنب الحديث عن جنسيات الطيارين أو اسميهما عمداً، متجاوزاً ذلك إلى تحميل صنعاء مسؤولية سلامتهما، بينما لم تكشف صنعاء رسمياً حتى اللحظة عن مصير الطيارين، وما إذا كانا قد وقعا في قبضة الجيش واللجان؟ وهل لايزالان على قيد الحياة؟.
ناشطون على صلة إلى حدٍ ما بكواليس الأحداث وصنعاء نشروا خبراً عن أن طياري التورنادو أصيبا بجراح وأنهما الآن في حوزة الرجال؛ كما وتداولوا صورة “مجهولة المصدر وغير مؤكدة” قالوا إنها لأحد الطيارين يظهر فيها شخص جريح ينزف بشدة.
صمت صنعاء المتعمد هو أداء سياسي عسكري ذكي وحصيف يستهدف بالأرجح إقرار الدولة التي ينتمي إليها الطياران بفقدانهما في مسرح الاشتباك العسكري باليمن، كخطوة لا مناص منها لخروج صنعاء عن صمتها الموقوف زمنياً على هذا الشرط المضمر، وحتى يتسنى للدولة المفترضة التفاوض حولهما رسمياً.
تصريحات ناعق تحالف العدوان المراوغة وغير المتوافرة على معلومات حول الطيارين، تجعل فرضية كونهما أجنبيين راجحة جداً، لكن أمريكا وفرنسا سبق لهما أن فاوضا حول مواطنين لهما ضُبطوا بأعمال استخبارية معادية في اليمن أو أُسروا أثناء القتال على مسرح الاشتباك، كما في حالة العسكريين الفرنسيين الذين اصطادتهم بحريتنا في عرض “الأحمر” يؤازرون قوات التحالف أثناء احتدام الهجوم على الحديدة عام 2018، فلماذا يبدو الأمر مختلفاً في حالة طياري التورنادو؟!.
يسند هذه الفرضية أن جميع طواقم الطائرات المعادية المأهولة التي أسقطها رجالنا خلال سنوات الاشتباك العسكري الخمس في اليمن، كانوا من غير السعوديين.
ورغم وقوعهم أحياءً خارج طائلة رجالنا، فإن ذلك لم يمنع دولهم من الإقرار بانتمائهم إليها، عدا طيار مغربي الجنسية فاوضت الرباط لاستلام جثته بعد أن سقط ميتاً في نطاق سيطرة الجيش واللجان، وشرطت صنعاء عليها الانسحاب من قائمة تحالف دول العدوان مقابل تسليمه، فأعلنت تجميد نشاطها ضمن التحالف كفدية بالحد الأدنى.
الثابت بالنسبة لأي سلاح جو مقاتل في العالم، هو أن “الطيار أثمن بكثير من الطائرة مهما كان ثمنها”، وترتيباً جرى تصميم كل طائرة مقاتلة لتفتدي قائدها وتضمن نجاته حين تخر صريعة.
الاستثناء على هذه القاعدة يبقى وارداً فقط في حالة الاشتباك باليمن، حيث التكتم على جنسية الطيار يبقى أثمن بكثير من حياته حين يقع في نطاق سيطرة صنعاء، وتصفيته تغدو أولوية بالنسبة للتحالف في حال العجز عن استنقاذه. يتعلق الأمر بماهية جنسية الطيار في أسطول عدوان جوي متعدد الجنسيات، ويعمل ضمنه طيارون صهاينة بإقرار الكيان الصهيوني ذ اته الذي كشف في وقت سابق من هذا العام، عن تنفيذ طائراته ضربات جوية على أهداف في اليمن.
الغارات الكثيفة على موقع سقوط مقاتلة التورنادو في الجوف، تشير بحسب مراقبين وناشطين إلى أن الهدف لم يكن تدمير ما تبقى من جسم الطائرة الساقطة، وإنما تصفية طياريها اللذين زعم ناعق العدوان، أمس الأول، أن “مليشيات الحوثي الإرهابية أطلقت الأعيرة النارية عليهما لحظة مغادرتهما الطائرة بعد ثوانٍ من إصابتها بصاروخ أرض جو”، الأمر الذي قرأ مراقبون فيه تنصلاً ضمنياً عن عمدية تصفية التحالف لهما، وتحميل مسؤولية ذلك لـ”الحوثي” كمحاولة لتأليب رأي عام دولي ضد صنعاء التي تلتزم الصمت حتى اللحظة.
المؤكد أن تحالف العدوان لا يتوافر على معلومات ميدانية حول ما إذا كانت غاراته قد أجهزت على هدفها المتمثل في الطيارين، أم وقعا في قبضة صنعاء، كورقة متعددة القيمة لجهة موازين التفاوض في الظل والعلن على السواء.
إن صَدَقَ حدس بعض المراقبين بأن الطيارين صهيونيان يحملان جنسية الكيان الإسرائيلي فإن أيديولوجية الاشتباك على الجانبين ستشهد انقلاباً مدوياً لجهة ثبوت صدقية شعار الصرخة بـ”الموت لإسرائيل” عملياً وبصورة غير قابلة للدحض والتشكيك، وفي المقابل فإن “عروبة التحالف” المزعومة ستخر جذاذاً وبصورة كرنفالية فاضحة لعيان المتمالئين مع شعاراته والسذج الذين يرون فينا “مجوساً يقتلون يمنيين”!
الأمر ـ إذن ـ أكبر بكثير من ورقة تفاوضية تقليدية يريد التحالف إحراقها قبل أن تطبق صنعاء يدها عليها… فهل وقع رأس “تل أبيب” تحت مقصلة “كهف مران”؟.. لننتظر.