الأمم المتحدة.. شراكةٌ مع العدوان وحيادٌ عن معاناة اليمنيين
25/ 7 / 2020م
|| مقالات ||
منير اسماعيل الشامي:
لسادس عام وتحالفُ العدوان الإجرامي يوغل في إجرام حربه البشعة، ويتفنن في أساليب حصاره الفظيع وحروبه الاقتصادية، جرّب في حروبه كُـلَّ طرق الإجرام ووسائله، ونفّذ كُـلَّ أنواع الحصار وخياراته، أدخل الداء ومنع الدواء وقصف المزارع والمخازن ومنع الغذاء، واحتجز المشتقات وأغلق المنافذ والأجواء.
ومع انكساره وتقهقره الذي لم يتوقف للعام الخامس، تزيد وحشيته ضد إنسانية الإنسان اليمني، ويتضاعف عجزُه بعد أن استنفذ كُـلّ خياراته في الحصار وفي القصف والدمار وفي خنق الشعب وتجويعه؛ بسَببِ صموده الأُسطوري وإرادته الفولاذية، فتنكشف حقيقته وتظهر أطرافه الخفية فتبرز ظاهرةً إلى العلن إزاء عجزها عن البقاء خلف الأضواء، وتمزق رداء الحياد المزيف عنها من فرط غضبها، بأنيابها التي كشرت عنها، ومنظمة الأمم المتحدة وجميع المنظمات المنبثقة عنها، والبرامج المختلفة التي ترعاها هم الطرف الأخير التي أعلنوا رسميًّا عن شراكتهم الخفية مع تحالف العدوان.
لقد أثبتت في مواقفها العلنية الصريحة منذ بداية العدوان عبر أمينها العام وبقراراته ومبعوثيه إلى اليمن وببرامج المنظمات المختلفة التابعة لها، انحيازَهم المطلق إلى تحالف العدوان، وأكّـدوا بتلك المواقف والقرارات شراكتهم الحقيقية معه، وأنهم جزء لا يتجزأ منه وليسوا في حقيقتهم إلا الممثل الشرعي لمرتزِقة الخارج، مهمتهم جميعاً دعمُ العدوان ومساندته، والمتاجرة في معاناة الشعب اليمني ومظلوميته وحقوقه الإنسانية.
منظمة اليونيسيف وبرنامج الغذاء العالمي على سبيل المثال، أعلنا مؤخّراً تخفيض دعمهما الإنساني إلى النصف (أي بنسبة 50 %) مما كان عليه في الوقت الذي تتضاعف الكارثة الإنسانية وتتفاقم في المجالات التي تعمل كلٌّ منهما فيها، وبالتزامن مع تحصيلهما دعم الدول المانحة المقر في مؤتمر الرياض المنعقد في الثاني من يونيو الماضي، والبالغة 1,350 مليار دولار، علماً بأن هذا المبلغ ليس كافياً لرفع معاناة الشعب اليمني الإنسانية فحسب بل تحويلها إلى رفاهية لسنوات.
وفي ظل الوضع الكارثي الخطير جِـدًّا والمتنامي الذي يعاني منه الشعبُ اليمنيُّ في مختلف المجالات وتزايد ويلاته التي تتجرعها شرائح المجتمع وتتفاقم مأساتها في كُـلِّ القرى والمحافظات، وتتطور تبعاتها الكارثية الخطيرة وتتوسع بشكل متسارع كسرعة الصوت للعام السادس جراء استمرار العدوان وحصاره وحربه الاقتصادية، لم نرَ لها أبسط موقف حقيقي لتخفيف معاناة أي يمني خلال سنوات العدوان، بل رأينا ورأى العالمُ كُـلَّ مواقفها وقراراتها تصبُّ في مصلحة العدوان وتزيد من معاناة الشعب اليمني من أقصاه إلى أقصاه، رغم مناشدة الشعب لها ومطالبته بالقيام بدورها الإنساني في كُـلِّ وقفاته الاحتجاجية وفعالياته ضد العدوان، وتنصلت مؤخّراً حتى عن إنقاذ سبعة أطفال مرضى بنقلهم بالطائرة التي أحضرتها لنقل طفل لأحد موظفيها للعلاج بالخارج.
وإذا تأملنا في أسبابِ تضاعف معاناة الشعب خلال سنوات العدوان، سنجد أن هذه المنظمة الأممية العدوانية كانت ولا تزال أهم أسباب خلقها وتحقيقها للعدوان، فلم نسمع لها حتى إدانة رسمية لجريمة حرب أو مجزرة من مجازر العدوان، لا بحق الأطفال ولا بحق غيرهم من المدنيين، بل إنها لم تدن حتى جرائمَ العدوان في استهداف بعض المنشآت الصحية الدولية، بينما تكون أول من يدين عمليات قواتنا المستهدفة لأهداف عسكرية بحتة للعدوان ومشروعة بكل قوانين الأرض والسماء.
وهي من نفّذت قرار العدوان ومرتزِقته بنقل البنك، وتعهدت بإلزام الطرف الآخر بذلك، ولم تحَرّك ساكناً بعد ذلك، وهي التي تساند العدوان وتدعمه في جرائم حرب تستهدف المدنيين، ويفترض أن تكون من يمنع تحالف العدوان عن ارتكابها وفق صلاحياتها بنص القانون الدولي حتى بقوة عسكرية دولية مثل جرائم إغلاق المنافذ الإنسانية المختلفة، واحتجاز سفن الغذاء والدواء والمحروقات وهي تحمل تصاريح دخول رسمية منها.
وهي التي تدعم تصعيد العدوان للحصار مؤخّراً بوقف إدخَال المشتقات حتى عن منظمة اليونيسيف التابعة لها والتي تدعم بعض منشآت القطاع الصحي بالمحروقات، متجاهلةً العواقب الكارثية الوخيمة عن هذه الجريمة التي تمخض عنها جرائم حرب متعددة في حقِّ الإنسانية اليمنية بمختلف القطاعات الخدمية، ولماذا كُـلّ هذا الانتقام؟؛ لأَنَّه تم صرف نصفي راتب للموظفين أول وآخر شهر رمضان المبارك.
وهي التي تسعى بكلِّ جهودها وبطاقتها القصوى ليلاً ونهاراً للحيلولة دون تطهير مأرب منذ لحظة تطهير محافظة الجوف وبعد نجاح جيشنا ولجانه بفضل الله بعملية البنيان المرصوص.
لم نرَ منها ومن أمينها العام ومبعوثيه خلال سنوات العدوان إلا التبرير للعدوان في ارتكاب أبشعِ جرائم الحرب العدوانية في حقِّ الشعب اليمني وشرعنة بشاعتها ومحاولة التبرئة للعدوان منها، خارجين بذلك عن مهامهم الرسمية وعن كُـلِّ القيم والمبادئ، وعن كُـلّ الأعراف والقوانين، ومنتهكين صراحة للقانون الدولي في كُـلِّ مواقفهم.
وحتى الموقف الصحيح الوحيد التي كانت هذه المنظمة قد قامت به في ضم تحالف العدوان إلى قائمة المجرمين بحق الطفولة؛ بسَببِ مجازره البشعة في حق أطفال اليمن، تراجعت عنه بالقرار الجائر لأمينها العام الذي قضى بشطب تحالف العدوان ونظام الرياض من تلك القائمة.
لم تبق لها في مظلومية اليمنيين حتى ذرة إنسانية تؤكّـد بها إنسانيتها المزعومة، ولم تترك حتى ذرة في موقف تحتج به أَو تستدل على التزامها بواجباتها القانونية، ولا غرابة في ذلك، فكيف نرجو خيراً ممن لا يريدون أن ينزل علينا خيرٌ من ربنا وقد أخبرنا العليم الحكيم عنهم بقوله تبارك وتعالى: (مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أهل الْكِتَابِ وَلَا الْـمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) سورة البقرة، آية (105).