ولاية الإمام علي عليه السلام مسار في طريق النصر
9 /8 /2020م
|| مقالات ||
ماجد الغيلي:
أولئك الذين ينظرون إلى أمر ولاية الإمام علي عليه السلام أنها أمرا جانبيا أو ثانويا أو أنها غير واجبة وملزمة لهم فإنهم أبعد ما يكونون عن الدين، كون أمر ولاية الإمام علي هو من عند الله ورسوله
وهي من صميم الدين، فعندما لا تؤمن بأمر مهم كهذا من جهة الله فيه سلامة دينك ومستقبلك الأبدي في الآخرة فهذا يؤكد أن فيك من النفاق بقدر نظرك إلى هذه المسألة من حيث الأهمية وعدمها.
الإمام علي عليه السلام لم يكن رجلا عاديا حتى أصبح مولى كل مؤمن ومؤمنة، ولم يكن همه أمر نفسه حتى نال تلك المرتبة من الله ورسوله، بل كان رجلا استثنائيا بكل ما تعنيه الكلمة، رجلا قل أن تجد من الرجال أمثاله، في جهاده وشجاعته وزهده وورعه وعلمه وكرمه وإحسانه وصدقه ونبل أخلاقه وقوة حجته وحكمة مواقفه، رافع راية الإسلام ومزلزل قوى الكفر والشرك والطغيان، وهازم اليهود في خيبر.
وقد يسأل سائل ما أهمية أن نتولى شخصا قد مات منذ أكثر من 1400 عام؟ ما الذي نجنيه من تولينا له وهو لم يعد حتى بيننا؟ نقول بأن مسألة الولاية ليست لحظية ولا مقتصرة على زمن معين دون غيره من الأزمان، هي مسألة مستمرة إلى أن تقوم الساعة، وهي ضرورة وليست أمرا اختياريا أو أمرا هامشيا، ولذلك كان حب الإمام علي إيمان وبغضه نفاق، ومن هذا المنطلق فيمكن أن نقول أنه لا يصلح إيمان المسلم إلا بولاية علي، فإن لم يتولى عليا سيتولى غير علي، سيتولى غيره ممن لا يصلح لأن يكون وليا بما تعنيه الولاية هنا من معان عظيمة تتجسد بشكل مواقف تجاه أعداء الله وأعداء رسوله، ولذلك نجد في زماننا هذا عندما تركت الأمة ولاية الإمام علي وابتعدت عنه أصبحت تتولى اليهود والنصارى وتتقرب إليهم بكل حب وتبجيل، بل وتسلمهم زمام أمورها وتمكنهم من نهب خيراتها ومقدراتها، وتجعلهم يضربون بعضها ببعض ويشتتون جمعها ويفرقون شملها ويمزقون وحدتها ويقهونها ويذلونها ويذيقونها الخزي بما تعنيه من خطورة في الدنيا ويتبعها من عذاب أليم في الآخرة.
الأمة تحتاج لعلي حتى ولو أصبح ترابا، ولو بعد 1400 عام، ذلك ما أثبته رسول الله عندما استدعاه وهو أرمد لمواجهة يهود خيبر، أراد رسول الله بذلك ان يعلم الأمة أنها بحاجة ماسة لأن تتولى عليا حتى ولو كان أرمدا، حتى لو مات وأصبح ترابا، لأنها لن تنتصر في مواجهة أعدائها من اليهود والنصارى إلى بتوليها لعلي عليه السلام، وهذا ما يؤكده واقع الأمة اليوم.
ولاية الإمام علي هي امتداد لولاية رسول الله، وولاية رسول الله هي امتداد لولاية الله، فلا يمكن أن يقول المسلم أنا أتولى رسول الله وهذا يكفي، ألم يقل رسول الله أمام جموع الحجيج (من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاده وانصر من نصره واخذل من خذله)، دعا لأولياء علي بالنصر لأنه يعرف أن هناك من سيعاديه، من سيبغضه، من سيقف مع الطرف الآخر، من سيبرر الدين كما يحب ويريد، فيجعل عليا رابع الخلفاء، يجعله آخرهم، ومن يعتبره صحابيا عاديا كأي صحابي آخر، بل أدنى شأنا ومنزلة من بعض من يحسبهم صحابة، فهذه مسألة خطيرة ينبغي الحذر من الانزلاق فيها.
كم نرى اليوم من اختلاف، وكم نرى من تفرق للأمة وشتات، وكم نرى من تنازع وجدال وقتل وسفك دماء، كل يدعي أن الحق معه، وكل يعتبر الآخر على باطل، وهناك من ترك الدين من كثرة فرق أتباعه التي كل منها تدعي أنها على الحق، في حين الحق بعيد عن تصرفاتها ومواقفها، لكن ماذا عندما نعود فنجتمع على علي عليه السلام، أليس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال عنه: (علي مع الحق والحق مع علي)، فمن عرف عليا وأحبه وتولاه بصدق لن يضل، فالحق مقصور على علي، وكل من يبتعد عن علي فإنه يبتعد عن الحق بقدر ابتعاده عن علي عليه السلام، هذا ما كشفه رسول الله بقوله علي مع الحق والحق مع علي، فهو يؤكد أن علي والحق متلازمان ومقترنان، ولا يمكن أن يفترقا، فمن تمسك بعلي وتولاه فهو على الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.