إعلامُ محور المقاومة والدورُ الذي يجب
13 / 10 / 2020م
مقالات:
منير الشامي:
من المؤسِف جِـدًّا أن الإعلام العربي أصبح اليومَ تحتَ سيطرة وتوجيه أعداء الأُمَّــة، مثله مثل الأنظمة المنبطحة والعملية له، لم يعد مرتبطاً بواقع الشعوب العربية ولا بهمومها ومشاكلها، بل انحصر ارتباطُه بالواقع الذي يجب أن تكون عليه هذه الشعوب وفقاً لرؤية النظام الصهيوأمريكي، بعد نجاحه في تحويل الإعلام العربي بمختلف وسائله من سلاحٍ للدفاع عن الشعوب العربية وعن قضاياها المصيرية الكبرى وفي مقدمتها قضية فلسطين، إلى سلاحٍ موجه نحوها لقطع ما تبقى فيها من بقايا روابط بدينها وهُــوِيَّتها وعروبتها؛ وبهدف تجريدها تماماً من موروثها العريق وفصلها عن جوهر دينها وقلب ارتباطها به، من ارتباط روحي ومعتقد إيماني راسخ يثير دوافع المقاومة لأعدائها إلى مُجَـرّد ارتباط اسمي أجوف لا يحرك فيها ساكناً من سواكن أبنائها، ولا يثير في أفئدتهم ذرةً من غيرة، وهذا هو الإسلام الصهيوأمريكي الذي يريده هذا النظام المجرم للشعوب العربية.
وهو ما كادت أن تصبح عليه وما يشهد به حالها اليوم من الذل وَالخنوع والانبطاح والخضوع وموت ضمائر أبنائها وشلل إرادتهم وموت غيرتهم، وكأنهم لم يعودوا بشراً بل قطعان من الأنعام ترعى العشبَ حتى يحين موعد ذبحها.
ومن المؤسف جِـدًّا أن يصبح هذا هو حال أبناء الأُمَّــة العربية، وأن يكون هذا هو واقعها الحقيقي؛ ولذلك فهذا الوضع المهين يفرض على القوى المناهضة لأعداء الأُمَّــة في محور المقاومة أن تتحَرّك تحَرّكاً جادًّا؛ مِن أجلِ إحياء ضمائر الشعوب العربية وإثارة غيرهم على أنفسهم ودينهم وعروبتهم، من خلال تسليط ترسانتها الإعلامية بجميع أنواعه، وبالذات القنوات الفضائية والإذاعية ومواقع التواصل الاجتماعي وصفحاته على مجتمعاتنا العربية، وتستهدفها ببرامجَ توعوية ومركزة تكون قويةً بما يكفي لإحياء ضمائر أبنائها ومؤثرة بالقدر الذي يزيل الغشاوة عن بصائرهم، ويشعل نار غضبهم ويثير غيرتهم حتى ليدافعوا عن أنفسهم ومستقبل أجيالهم، والساحة العربية غنية بالأحداث التي لو تم استغلالُها وأتقن في أُسلُـوب تقديمها وعرضها وربطها بثقافة القرآن، لحرّكت صخورَ الجبال وأحيت جلاميدها وليس قلوب أبناء الشعوب العربية وضمائرها.
وعلى قيادات محور المقاومة أن يولوا هذا الأمر عنايتهم القصوى، وأن يتذكروا جيِّدًا أن أعداء الأُمَّــة حقّقوا هذا الوضع التدجيني لشعوب أمتنا العربية عبر وسائل إعلام عربية، من قنوات فضائية ومواقع تواصل اجتماعية، وليس عبر وسائلهم هم، وأن سبب نجاحهم يرجع إلى استهدافهم الفعال وإعدادهم المدروس للبرامج المواجهة، والمعدة بإتقان ودقة لتغيير فكر الشعوب واستبدال موروثها الفكري والثقافي بثقافة هابطة وغير حقيقية ومبنية على الكذب والخداع والتزوير والتلفيق، وفوق كُـلِّ ذلك جنوا ثروات طائلة من ورائها ولم يخسروا شيئاً.
وهذه الاعتبارات هي ما يجب أن يؤخذ بها في مواجهة أعداء الأُمَّــة، لصد حربهم الفكرية ومعالجة ضحاياها بثقافة حقيقية وقوية متأصلة في وجدان الإنسان العربي ومترسخة في كيانه، لا تحتاج إلا إلى إزاحة الفكر الدخيل والوهمي الذي طمرها؛ بفعلِ استهدافه من قبل أعداء الأُمَّــة.
والخلاصة أن هذا الأمرَ هو مسؤولية قوى محور المقاومة ومسؤولية كُـلّ شرفاء وأحرار الأُمَّــة، وأن على الجميع استشعارَ هذه المسؤولية والانطلاق لتأديتها لصد مؤامرات الأعداء وبنفس الطرق والأساليب التي استخدموها، وَإذَا كانوا قد نجحوا في ترويج الوهم فلن نفشلَ حتماً إذَا ما سوّقنا الحقيقة.