أهميّة الاقتداء بالرسول في كُـلّ منهاج الحياة
25 / 10 /2020م
مقالات:
أحمد عبدالله الرازحي:
تفتقرُ الأُمَّــةُ الإسلامية إلى الكثير من صفاته ومميزاته -صلوات الله عليه وآله- وسلم-؛ لهذا عاشت الأُمَّــةُ اليومَ واقعَ البعُد والتفرقة والشتات والتنافر في ظل توحد وتكالب أعدائها عليها من كُـلّ حدب وصوب، ويزداد ويكثُرُ العلماءُ والمهرجون باسم الإسلام والمسلمين، والقليل منهم الصادقون والذين يسعون لإصلاح الأُمَّــة والارتقاء بوضعها المزري هُم صفوة الأخيار من الأُمَّــة، وهُم من يرجع نسبُهم للرسول -صلوات الله عليه وآل بيته الأطهار-. أصبح الوضع الجمعي للشعوب يفتقد للعدل والمساواة والإخاء والتعاون والعطف على المستضعفين والمساكين، ويفتقر للمبادئ والقيم السامية والعليا الذي أرادها الرسولُ للمسلمين، ولكنها قد انقرضت الكثير منها وإن لم نقل كلها إلّا من رحم الله، ولنتذكّر بعضَ مواقفه -صلى الله عليه وآله وسلم- التي تُعبر عن عظمة الرسول القائد المُربي والأسوة الحسنة، فكان سيّد قومه ولكنه لم يأنف من خدمة نفسه والمسلمين وكان يعمل بأيديهم، فكان يحلب شاته ويصلح الحليب ويخدم نفسه ويعلف ناضحه أي البعير الذي يستقي عليه الماء، فإذا رأى الخدم لهم عملاً في البيت يماثل عمل سيدهم ومالك أمرهم، فتلك هي المساواة التي تمسح ضمير الخدمة وتجبر كسرها، ولا تقتصر أَيْـضاً على العطف والرحمة.
فكان عمل الخادم عنده -صلوات الله عليه وآله- وسلم- كعملِ التلميذ الذي يجلسُ إلى قدمَي أُستاذه ويقف حباً لا خنوعاً، وتوقيراً لا مذلة، وأدباً يفرضهُ على نفسه وليس بضريبة مكتوبة يفرضها عليه العرفُ والتأديبُ، وهنا قد يصح لنا أن نقول إن حصة النبي -صلوات الله عليه وآله- وسلم- من خدمة نفسه أعظم من حصة خدمه لهُ، وإن تعويلهم عليه كان أكبر من تعويله عليهم، وقد ذكر الأديب الشهير عباس العقاد في كتابة عبقرية محمد أنه جعل الخدمة على سُنته ضرباً من توزيع الأعمال، أَو ضرباً من تعاون أبناء البيت الواحد فيما يستطيعه كُـلٌّ منهم من تدبيره وقضاء شئونه: “إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد”.
هذه كلمة السيّد بالتفاف القلوب حوله، السيد بسيادته على سره وعلانيته ورأيه وهواه، ولو عمت هذه السيادة لبطل الاستعباد وانتهت كُـلّ ضروب العبودية، ولأصبح تفاوت الدرجات كتفاوت الأعمار شيئاً لا غضاضة فيه على صغير ولا تكبر فيه لكبير، إنما هو تقسيم أعمال، وتعاون بين إخوان إن لم يكون تعاوناً بين أمثال.
فكم نحتاج لصفاته ومآثره ومناقبه -صلوات الله عليه وآله- وسلم- في حياتنا كلها، ولن تستقيم الحياةُ ونرى النور إلّا بالعودة الصادقة والجادة لخير البشرية ومخلصها من الظلمات والجور، ونحنُ حريصون كُـلَّ الحرص على التمسّك بما جاء به خاتمُ الرسل -صلوات الله عليه وآله-، كما نحرص على تجسيد الاقتداء صورة ومنهجا، سلوكا وأثرا، قولا وفعلا، ونتأسى بشخصية رسولنا الأعظم لنقتفي أثره ونسير على نهجه سالكين طريق الحق صادحين به.
ومن واقع المسؤولية الدينية نحيي يوم الثاني عشر من ربيع الأول؛ تلبيةً لقول الله تعالى: (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)، وَأَيْـضاً قال تعالى: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ) صدق الله العظيم.
فاحتياجنا لهذه المناسبة، كاحتياجنا للزاد الذي نعتق به أنفسنا كما هي الشعائر المحمدية، تروي القلوب من معين الولاء لتزداد إيمانا تواقة إلى استقبال المولد بنبض العزيمة وَمشاعر الفرح التي ترسم البهجة بريشة “لبيك يا رسولَ الله”، في أجمل لوحة يطلق عليها بميلاد النور، ميلاد أعظم قائد عرفهُ التاريخ وعرفهُ الإنسان.
وهنا يجب أن يعلم العالم كلُّه من أقصاه إلى أدناه، أن هذه الأمه لن تركع ولن تُهزم؛ لأَنَّ قائدها وقدوتها ومُرشدها هو “محمد” -صلوات الله عليه وآله- وسلم-.