الفصائل الفلسطينية: التطبيع مع الكيان الصهيوني امتداد لوعد بلفور
أكدت فصائل وشخصيات فلسطينية، على أن المشاريع الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية وشرعنة الاحتلال على أرض فلسطين، وأبزرها “التطبيع” و”صفقة القرن” هي امتداد لـ”وعد بلفور المشؤوم”، مشددين في ذات الوقت على أنها “ستبوء بالفشل”.
ويوافق الثاني من تشرين ثاني/نوفمبر، ذكرى وعد بلفور، حين بعث وزير خارجية بريطانيا جيمس بلفور آنذاك، برسالة إلى اللورد ليونيل والتر روتشيلد أحد زعماء الحركة الصهيونية، يمنح بموجبه الحق لليهود بإقامة وطن قومي لهم في فلسطين المحتلة.
منظمة التحرير
وأوضح عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واصل أبو يوسف، أن “وعد بلفور المشؤوم، أسس لما جرى بعد ذلك من إقامة “إسرائيل” على حساب فلسطين التاريخية، واقتلاع شعبنا من خلال المجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية، ليتم تشريده إلى المنافي والشتات”.
ونبه إلى أن “هذا الوعد الذي أسس لمفارقة تاريخية على حساب حق الشعب الفلسطيني التاريخي”، موضحا أن “الدول الاستعمارية وخاصة بريطانيا، عندما أطلقت هذا الوعد، وسهلت الهجرة اليهودية لفلسطين، كانت تدرك تماما أنها تقوم بتشتيت الفلسطينيين وسلخ الأراضي الفلسطينية لصالح اليهود على حساب شعبنا”.
وأكد أبو يوسف، أن “وعد بلفور لا زال مستمرا حتى يومنا هذا، من خلال المؤامرات التي تهدف لشطب قضيتنا، وخاصة ما صدر عن الإدارة الأمريكية الحالية، من نقل السفارة إلى القدس والاعتراف بالمدينة المقدسة عاصمة للاحتلال ومحاولة تمرير صفقة القرن، إضافة إلى التصعيد الاحتلال الذي يستفيد من التحالف الصهيوأمريكي بتثبيت الوقائع على الأرض، التي ستحول دون إقامة دولة فلسطينية”.
وتابع: “يأتي التطبيع العربي الرسمي مساعدا لكل ذلك، وهو يشكل خيانة للقضية الفلسطينية ولقضايا الأمة جمعاء”، مضيفا “هذا الوعد الذي مرت عليه كل هذه السنوات، هو مستمر في سياقات محاولات شطب الشعب والقضية الفلسطينية برمتها من الخارطة السياسية، وهذا الأمر لن يحدث، لأن شعبنا سيبقى متمسكا بحقوقه وثوابته، وهذه الدول الاستعمارية لن تنجح في كسر إرادة شعبنا”.
حركة حماس
وقالت حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، على لسان المتحدث الرسمي باسمها عبد اللطيف القانوع، إن ذكرى وعد بلفور، “تأتي هذا العام في ظل مرحلة فارقة في تاريخ قضيتنا الفلسطينية، تشهد هجمة شرسة من قبل الإدارة الأمريكية والاحتلال الصهيوني لتصفية القضية”.
ونبه أن “وعد بلفور لم يستطع أن يمنح بنفسه الاحتلال الشرعية على أرضنا، ولم يتمكن من تصفية حقوقنا وسلب إرادتنا وكسر معنوياتنا”، مشددا على أن “صفقة القرن، أيضا لن تسقط حقوق شعبنا الفلسطيني”.
ولفت القانوع، إلى أن “محاولات التطبيع وهرولة بعض الأنظمة العربية للتطبيع، من أجل شرعنة الاحتلال على أرضنا، أيضا لن تسقط حقوق شعبنا بالتقادم”، مؤكدا أن “كل مشاريع تصفية القضية الفلسطينية وشرعنة الاحتلال على أرض فلسطين، ستبوء بالفشل، فشعبنا أنفاسه طويلة، وهو متقدم في مواجهة الاحتلال وسيواصل نضاله حتى التحرير”.
ووصف محاولات دمج الاحتلال بالمنطقة العربية والتطبيع معه بأنها “جريمة وهي امتداد لجريمة وعد بلفور الكبرى، وطعنته الكبرى لشعبنا الفلسطيني”.
حركة فتح
من جانبها، أكدت حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح”، على لسان المتحدث باسمها القيادي إياد نصر، أن “كل ما مر به شعبنا من معاناة هو نتاج هذا الوعد المشؤوم”.
وأوضح ، أن “السلوك الاستعماري الاستيطاني لم يتوقف عند هذا الوعد، فكل يوم هناك مؤامرات تستهدف قضيتنا وحقوق شعبنا المشروعة”، مضيفا: “أملنا الوحيد هو في ثبات وصمود الإرادة الفلسطينية الصلبة، التي تتحطم عليها كل هذه المؤامرات”.
وشدد نصر، على أن “شعبنا مستمر في نضاله حتى نيل حقوقه الشرعية وإقامة دولتنا المستقلة في حدود الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس”.
واعتبر أن “حالة الانحراف التي يعيشها العالم العربي اليوم، وخروج بعض الدول العربية عن المسار وهرولتها للتطبيع مع الاحتلال، هي استمرار لسياسة وبرنامج وعد بلفور”، مضيفا: “رغم ذلك، ما زلنا نؤمن أن ظهيرنا العربي سيبقى إلى جوارنا، وأن الدول العربية لا زال فيها الخير، وستكون مع شعبنا في صون حقوقه وإقامة دولته”، بحسب رأيه.
وقال القيادي: “سنبقى صامدين ثابتين على أرضنا، ولن نكرر الهجرة ولا النزوح، فإما حياة في دولة مستقلة بكرامة وإما ممات على أرض هذا الوطن”.
حركة الجهاد
بدورها، أكدت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، على لسان القيادي داود شهاب، أن “هناك تقاعس رسمي عربي غير مسبوق عن نصرة القضية الفلسطينية، وصل حد أن تقوم بعض الدول العربية لتوجيه طعنة في الظهر للقضية الفلسطينية من خلال إقامة علاقات تحالف مع الاحتلال الإسرائيلي؛ وهذا هو التحدي الأخطر أمام الشعب الفلسطيني الذي يترك الآن وحيدا في مواجهة الشر والارهاب الصهيوني”.
ونوه أنه “لم تعد المنظمات والهيئات الرسمية العربية تكتفي بصمتها، بل هي اليوم تعبر عن مواقف علنية مساندة للتطبيع ومشجعة تخلي الأنظمة العربية عن فلسطين”.
وأوضح شهاب، أن “ما قامت به دول عربية مثل الامارات والبحرين والسودان من تطبيع مع الاحتلال، يمثل تهديدا أشد من تصريح وزير خارجية بريطانيا قبل نحو 103 سنوات”.
وأضاف: “بينما كنا نطالب باعتذار بريطاني عن الوعد، جاءت اتفاقيات التطبيع بين الاحتلال وبعض الدول لتتبنى بذلك الرواية الأكذوبة للحركة الصهيونية حول فلسطين”.
ونبه القيادي، أن “القضية الفلسطينية اليوم، تدفع ثمنا باهظا نتيجة المواقف العربية، فكما كانت هزائم العرب في حروبهم مسؤولة عن ضياع واحتلال فلسطين، فهي اليوم مسؤولة عن ضياع الهوية وعن أزمات ستلحق بالعالم العربي وشعوبه بسبب هذا التطبيع”.
تحديات
الباحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية منصور أبو كريم، نبه أن “ذكرى وعد بلفور، تمر في ظل ما تعانيه القضية الفلسطينية من تحديات داخلية وخارجية، خاصة في ظل التحولات الاستراتيجية التي يشهدها الموقف العربي من تطبيع مجاني مع “إسرائيل”، بدون ربط ذلك بالتسوية السياسية أو بمبدأ الأرض مقابل السلام”.
وأضاف في حديثه : “كما تأتي في ظل التحولات والقرارات المصيرية التي اتخذتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تجاه الحقوق الفلسطينية، ما يحتم علينا إعادة قراءة وعد بلفور من جديد، ووضعه في سياق التطورات الجارية وربط هذه الأحداث والتحولات في ضوء ما جاء به هذا الوعد المشؤوم”.
ونوه أبو كريم، أن “ما يحدث من تحولات استراتيجية في الموقف الأمريكي تجاه القضية الفلسطينية عبر المقاربة التي طرحتها إدارة ترامب فيما يعرف بصفقة القرن، مرتبطة إلى حد بعيد بما جاء بوعد بلفور عام 1917″، حيث تعتبر الرؤية الأمريكية “تخليا عن مبدأ الحل السياسي القائم على أساس حل الدولتين، وتبن لمقاربة اليمين المتطرف الحاكم في “إسرائيل”، التي لا ترى أي إمكانية في وجود دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة غرب النهر”.
وخلص الباحث، إلى أن “ما يحدث من تطورات وتحولات عربية ودولية، يحتم علينا إعادة قراءة النصوص التي جاء بها وعد بلفور من جديد، خاصة أن مقاربة ترامب، التي حاولت نسف قضايا الحل النهائي، وضع الحكم الذاتي محل الحل السياسي ضمن إطار حل الدولتين، يتوافق إلى حد بعيد ما جاء به وعد بلفور”.
المصدر:عربي 21